وفي الرقاب   أي : وللصرف في إعانة المكاتبين من الأرقاء في فك رقابهم من الرق ، الذي هو من أكبر الإصلاح البشري المقصود من رحمة الإسلام ، أو لشراء العبيد من قن ومبعض وغير ذلك وإعتاقهم . والمختار الجمع بينهما كما قال  الزهري    . 
قال في منتقى الأخبار عند ذكر الوارد في هذا الصنف : وهو يشمل المكاتب وغيره . وقال  ابن عباس    : لا بأس أن يعتق من زكاة ماله ، ذكره عنه أحمد   والبخاري  ، وعن  البراء بن عازب  قال : جاء رجل إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال : دلني على عمل يقربني من الجنة ويبعدني من النار ، فقال : " أعتق النسمة وفك الرقبة " فقال : يا رسول الله أو ليسا واحدا ؟ قال : " لا ، عتق الرقبة أن تنفرد بعتقها ، وفك الرقبة أن تعين بثمنها   " رواه أحمد   والدارقطني    . وعن  أبي هريرة  أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : ثلاثة ، كل حق على الله عونه . الغازي في سبيل الله ، والمكاتب الذي يريد الأداء ، والناكح المتعفف رواه الخمسة إلا أبا داود  اهـ . ويعني بالخمسة : الإمام أحمد  وأصحاب السنن الأربعة . قال الشوكاني    : حديث البراء  ، قال في مجمع الزوائد رجاله ثقات ، وحديث  أبي هريرة  ، قال الترمذي  حسن صحيح . ثم قال : 
 [ ص: 430 ] قد اختلف العلماء في المراد بقوله تعالى : وفي الرقاب  فروي عن  علي بن أبي طالب   وسعيد بن جبير  والليث   والثوري  والعترة  والحنفية والشافعية وأكثر أهل العلم أن المراد به : المكاتبون يعانون من الزكاة على الكتابة . وروي عن  ابن عباس   والحسن البصري  ومالك   وأحمد بن حنبل   وأبي ثور  وأبي عبيد  وإليه مال  البخاري  وابن المنذر  أن المراد بذلك أنها تشترى رقاب لتعتق . واحتجوا بأنها لو اختصت بالمكاتب لدخل في حكم الغارمين ؛ لأنه غارم ، وبأن شراء الرقبة لتعتق أولى من إعانة المكاتب ؛ لأنه قد يعان ولا يعتق ؛ لأن المكاتب عبد ما بقي عليه درهم ، ولأن الشراء يتيسر في كل وقت بخلاف الكتابة . وقال  الزهري    : إنه يجمع بين الأمرين ، وإليه أشار المصنف وهو الظاهر ؛ لأن الآية تحتمل الأمرين . وحديث البراء  المذكور فيه دليل على أن فك الرقاب غير عتقها ، وعلى أن العتق وإعانة المكاتبين على مال الكتابة من الأعمال المقربة من الجنة والمبعدة من النار اهـ . وهو الحق . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					