وابن السبيل اتفقوا على أنه المنقطع عن بلده في سفر لا يتيسر له فيه شيء من ماله إن كان له مال ، فهو غني في بلده ، فقير في سفره ، فيعطى لفقره العارض ما يستعين به على العودة إلى بلده ، وهو من عناية الإسلام بالسياحة بالإعانة عليها ، ولا يعرف مثله في دين ولا شرع آخر - واشترطوا أن يكون سفره في طاعة أو في غير معصية على الأقل ، ولكن اختلفوا في السفر المباح كالتنزه لا الاستشفاء ، وإنما أخذ هذا الشرط من قواعد الدين العامة كالتعاون على البر والتقوى ، وعدم التعاون على الإثم والعدوان ، ومن الطاعة في السفر كونه بقصد ما أرشد إليه الوحي من النظر في آيات الله وسننه في الأمم ، كما فصلناه في الأصلين 13 و 14 من خلاصة تفسير سورة الأنعام ( ص77 ج 8 ط الهيئة ) وقلما يوجد غني يسافر في أمصار الحضارة في هذا العصر لا يقدر على جلب المال من بلده إلى بلد آخر .
[ ص: 436 ] فريضة من الله أي : فرض الله لهم ذلك ، أو هذه الصدقات فريضة منه تعالى فليس لأحد فيها رأي ، أو تقدير الكلام : إنما الصدقات لمن ذكر من أصناف المحتاجين ، وفيما ذكر من مصالح الأمة حال كونها مفروضة لهم من الله تعالى والله عليم حكيم عليم بحال عباده ومصالحهم ، حكيم فيما يشرعه لهم ، فهو لتطهير أنفسهم وتزكيتها ، بما يحمل عليها من الإخلاص والشكر له ، وإرضائه بنفع عباده كما قال فيما سيأتي في هذه السورة : خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها ( 103 ) وهو حجة على نفاة المصالح في أفعال الله وأحكامه . هذا ما فتح علينا في معنى الآية ، ونعززه بمباحث في نظمها وأحكامها وحكمها ومدارك الأئمة ، وما تقتضيه مصالح الأمة وحالة هذا العصر فيها فنقول :