16598 ( أخبرنا ) أبو عبد الله الحافظ ، وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا : ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، ثنا أحمد بن عبد الجبار ، ثنا يونس بن بكير ، عن ابن إسحاق قال : حدثني الزهري قال : سمعت رجلا من عزينة يحدث سعيد بن المسيب أن أبا هريرة حدثهم : أن أحبار يهود اجتمعوا في بيت المدراس حين قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة ، وقد زنى منهم رجل بعد إحصانه [ ص: 247 ] بامرأة من اليهود قد أحصنت ، فقال : انطلقوا بهذا الرجل وبهذه المرأة إلى محمد فسلوه كيف الحكم فيهما ؟ وولوه الحكم عليهما ؛ فإن عمل بعملكم فيهما من التجبية - وهو الجلد بحبل من ليف مطلي بقار ، ثم يسود وجوههما ، ثم يحملان على حمارين ، ويحول وجوههما من قبل إلى دبر الحمار فاتبعوه وصدقوه ، فإنما هو ملك ، وإن هو حكم فيهما بالرجم فاحذروا على ما في أيديكم أن يسلبكموه . فأتوه ، فقالوا : يا محمد ، هذا الرجل قد زنى بعد إحصانه بامرأة قد أحصنت ، فاحكم فيهما فقد وليناك الحكم فيهما . فمشى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أتى أحبارهم في بيت المدراس فقال : يا معشر يهود ، أخرجوا إلي أعلمكم " . فأخرجوا إليه عبد الله بن صوريا الأعور ، وقد روى بعض بني قريظة أنهم أخرجوا إليه يومئذ مع ابن صوريا أبا ياسر بن أخطب ، ووهب بن يهوذا فقالوا : هؤلاء علماؤنا . فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين خطل أمرهم إلى أن قالوا لابن صوريا : هذا أعلم من بقي بالتوراة . فخلا به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان غلاما شابا من أحدثهم سنا ، فألظ به المسألة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول له : " يا ابن صوريا ، أنشدك الله ، وأذكرك أيامه عند بني إسرائيل ؛ هل تعلم أن الله حكم فيمن زنى بعد إحصانه بالرجم في التوراة ؟ " . فقال : اللهم نعم . أما والله يا أبا القاسم إنهم ليعرفون أنك نبي مرسل ، ولكنهم يحسدونك . فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمر بهما فرجما عند باب مسجده في بني غنم بن مالك بن النجار ، ثم كفر بعد ذلك ابن صوريا فأنزل الله عز وجل : { يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر } إلى قوله : { سماعون لقوم آخرين لم يأتوك } يعني الذين لم يأتوه ، وبعثوا وتخلفوا ، وأمروهم بما أمروهم به من تحريف الحكم ، عن مواضعه ، قال : يحرفون الكلم عن مواضعه { يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه } للتجبية { وإن لم تؤتوه } أي : الرجم ، فاحذروا ، إلى آخر القصة .


