مسألة : قال  الشافعي   رضي الله عنه : " ولو أكرى الرهن من صاحبه أو أعاره إياه لم ينفسخ الرهن " .  
قال  الماوردي      : قد ذكرنا أن  خروج الرهن من يد المرتهن إلى يد الراهن   لا يبطل الرهن : لأن استدامة قبضه ليست شرطا في صحته خلافا  لأبي حنيفة ،   وقد مضى الكلام معه وإياه قصد  الشافعي      .  
ولو أكرى الرهن من صاحبه أو أعاره لم ينفسخ الرهن ، فإن قيل : فعلى مذهبكم أن  منافع الرهن ونماءه للراهن فكيف يصح للراهن أن يستأجر الرهن أو يستعيره من المرتهن ؟   ففيه أربعة أجوبة :  
أحدها : أن  الشافعي   أراد بذلك أن  عود الرهن إلى يد الراهن لا يفسخ الرهن   ردا على  أبي حنيفة   حيث جعل عوده إلى يده فاسخا للرهن ، فعبر عنه بهذه العبارة ، لأنها لفظ  عطاء بن أبي رباح   فأورده على جهته تبركا به ، ولم يرد به صحة إجاراته ، وإعارته .  
والجواب الثاني أن في المسألة إضمارا يصح عود الجواب إليه ، وهو أنها مصورة في رهن فقد كان المرتهن استأجره من الراهن قبل الرهن أو بعده ، فكان في يده بعقدين :  
أحدهما : عقد الإجارة على منفعته .  
والثاني : عقد الرهن على رقبته .  
فيكون المرتهن لأجل الإجارة مـالكا لمنافعه ، فإن استأجره الراهن منه أو استعاره فالإجارة صحيحة ، والعارية جائزة ، وعقد الرهن بحاله لا ينفسخ .  
وقد يصح مثل في الوصايا في رجل وصى برقبة عبده لرجل ومنفعته لآخر أو صحت الوصية لهما بموته وقبولهما ، ثم إن الموصى له بالرقبة رهن رقبة العبد عند الموصي له بالمنفعة ، فصارت المنفعة بالوصية والرقبة في يده بالرهن ، فلو عاد الراهن فاستأجر العبد المرهونة رقبته أو استعاره لم ينفسخ الرهن .  
والجواب الثالث : أن الهاء في قوله : ولو أكرى الرهن من صاحبه ، كناية تعود إلى المرتهن دين الراهن ، لأنه قد يجوز أن يضاف إلى المرتهن لأجل رهنه ، كما يضاف إلى      [ ص: 33 ] الراهن لأجل ملكه ،  فإذا استأجر المرتهن الرهن أو استعاره   لم ينفسخ الرهن بما حدث من العقد فكان في يد المرتهن بالرهن السابق ، وعقد الإجارة الحادثة .  
والجواب الرابع : إن هذا الكلام من  الشافعي   خارج على مذهبه في القديم ، لأنه كان يقول في القديم : إن الراهن لا يجوز أن ينتفع بالرهن بنفسه وإنما له أن يؤاجره من غيره فقال : ولو أكرى الرهن من صاحبه أو أعاره إياه لم ينفسخ الرهن ، يريد أن الراهن وإن انتفع بالرهن بنفسه وفعل ما ليس له لم ينفسخ الرهن ، فأما مذهبه في الجديد فيجوز أن ينتفع به بنفسه ويؤاجره من غيره .  
وهذا الجواب ذكره  ابن أبي هريرة      .  
				
						
						
