الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فأما إذا كان متصلا ببناءيهما أو منفصلا عن بناءيهما فهما فيه سواء ويتحالفان عليه .

                                                                                                                                            وهل يكون الحاكم مخيرا في الابتداء بإحلاف أيهما شاء أو يقرع بينهما ؟ على وجهين :

                                                                                                                                            [ ص: 387 ] أحدهما : يكون مخيرا لاستوائهما .

                                                                                                                                            والثاني : يقرع بينهما لانتفاء التهمة عنه .

                                                                                                                                            وفي قدر ما يحلف كل واحد منهما عليه وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما وهو قول البغداديين : أنه يحلف على نصفه لأنه يحلف على ما يصير إليه بيمينه ، والذي يصير إلى كل واحد منهما النصف .

                                                                                                                                            والوجه الثاني وهو قول جمهور أصحابنا : أنه يحلف على جميعه ؛ لأنه يحلف على ما يدعيه وهو يدعي جميعه .

                                                                                                                                            ثم على كلا الوجهين لا بد أن يتضمن يمينه النفي والإثبات ، لأنه ينفي ملك غيره ويثبت ملك نفسه .

                                                                                                                                            ولكن اختلف أصحابنا هل يحتاج إلى يمين واحدة للنفي والإثبات ، أو يحتاج إلى يمينين أحدهما للنفي والأخرى للإثبات على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : أنه يحلف يمينا واحدا تتضمن النفي والإثبات ؛ لأنه أفضل للقضاء وأثبت للحكم .

                                                                                                                                            والوجه الثاني وهو قول أبي العباس بن سريج وأبي علي بن خيران وطائفة : أنه يحلف يمينين أحدهما للنفي لأنه منكر بها ، والثانية للإثبات لأنه مدع بها .

                                                                                                                                            فإذا ثبت ما وصفنا لم يخل حالهما من ثلاثة أحوال :

                                                                                                                                            إما أن يحلفا معا ، فيجعل الحائط بينهما بأيمانهما .

                                                                                                                                            أو ينكلا معا فيمنعان من التخاصم ولا يحكم لواحد منهما بملك شيء منه ، ويكون الحائط موقوفا على ما كان عليه من قبل .

                                                                                                                                            أو يحلف أحدهما وينكل الآخر فيحكم به للحالف منهما دون الناكل .

                                                                                                                                            وهكذا لو حلف أحدهما يمينين على أحد الوجهين وحلف الآخر يمينا واحدة حكم به للحالف بيمينين ، وكان الحالف يمينا بمثابة الناكل ، لأن يمينه لم تكمل ، فلو أقام الناكل بينة كان أحق ببينته من يمين صاحبه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية