الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فأما إن كان المبيع نخلا لا ثمر عليه ففلس المشتري وقد أثمرت النخل فلا يخلو حال الثمرة عند فلس المشتري من أحد أمرين :

                                                                                                                                            إما أن تكون مؤبرة ، أو غير مؤبرة ، فإن كانت الثمرة مؤبرة فهي للمشتري تقسم بين غرمائه ويرجع البائع بالنخل دون الثمرة ، لأن الثمرة زيادة متميزة ، وعلى البائع ترك الثمرة على نخله إلى أوان الجذاذ ولا أجرة له في تركها كما قلنا في الزرع ، وعليه التمكين من سقيها وكذلك سقي الزرع ، وإن كانت الثمرة عند فلس المشتري غير مؤبرة ففيها قولان :

                                                                                                                                            أحدهما : رواه المزني وحرملة : أن الثمرة للبائع إن رجع بالنخل تبعا كما يكون في [ ص: 284 ] البيع تبعا لها ، ويكون الفرق بينها وبين الزرع في الأرض أن الزرع مودع في الأرض وليس بحادث من خلقة الأصل فلم يرجع به البائع كما لا يدخل في البيع ، والثمرة الحادثة حادثة من خلقة الأصل يرجع بها البائع كما يدخل في البيع .

                                                                                                                                            والقول الثاني رواه الربيع : إن الثمرة للمفلس لا حق للبائع فيها ويرجع بالنخل دونها لأن البائع يسترجع المبيع جبرا فلم يكن له الرجوع إلا بعين ماله الذي يتناوله عقده ، وفارق ذلك حال المبيع من وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن عقد البيع عن مراضاة فجاز أن يدخل فيه توابع المبيع وهذا عن إكراه فلم يتوجه إلا إلى ما تضمنه العقد .

                                                                                                                                            والثاني : أن عقد البيع لما كان يقدر البائع فيه على استيفاء الثمرة لفظا دخلت فيه الثمرة إطلاقا وليس يقدر في فلس المشتري على مثل ذلك فافترقا ، فإذا ثبت أنها للمفلس لا يرجع بها البائع وجب على البائع تركها على النخل إلى أوان الجذاذ .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية