فصل : وأما
nindex.php?page=treesubj&link=23979إن لم تقم البينة بإعساره وجب حبسه بديونه - إن سأل الغرماء حبسه - وحكي عن
عمر بن عبد العزيز ،
والليث بن سعد : أنه لا يجوز أن يحبس أحد في دين ، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما حبس في دين قط ، والدلالة على جواز
nindex.php?page=treesubj&link=23979الحبس في الدين قوله صلى الله عليه وسلم :
إن لصاحب الحق يدا ومقالا يعني باليد : الحبس والملازمة ، وبالمقال : الاقتضاء والمطالبة ، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=923270لي الواجد يبيح عرضه وعقوبته ، يعني بإباحة العرض : المطالبة والتوبيخ بالمماطلة ، وبالعقوبة : الحبس ، لأن ما سوى الحبس من الضرب وغيره لا يجوز ، وقوله : " لي الواجد " يعني : منعه ومماطلته ، ومنه قول
ذي الرمة :
تطيلين ليا لي وأنت ملية فأحسن بآداب الوساخ التقاضيا
[ ص: 334 ] ثم يدل على جواز الحبس أيضا ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم "
nindex.php?page=hadith&LINKID=923271حبس رجلا يوما وليلة في تهمة " فلما جاز حبسه في تهمة لم تثبت عليه فأولى أن يجوز حبسه في دين ثبت عليه ، ولأن الحبس يتوصل به إلى استيفاء الحق ، وما لا يتوصل إلى استيفاء الحق إلا به كان مستحقا كالملازمة ، فإذا ثبت أنه يحبس بدينه ، - فإذا اتفق غرماؤه على حبسه حبس ، وإن اتفقوا على تركه أطلق ، وإن اتفقوا على ملازمته دون حبسه لوزم ، لأن الملازمة أقل ضررا من الحبس ، فأما إن سأل بعض غرمائه حبسه ورضي الباقون بإطلاقه وجب أن يحبس لمن سأل حبسه - ولو كان واحدا وأقل جماعتهم حقا - وقال
مالك : لا يجوز أن
nindex.php?page=treesubj&link=23979يحبس لبعضهم إذا أطلقه الباقون حتى يجتمعوا على حبسه ، وهذا خطأ ، لأن حبسه مستحق في دين كل واحد منهم فلم يجز أن يسقط حق واحد منهم بعفو غيره كاليمين .
فَصْلٌ : وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=23979إِنْ لَمْ تَقُمِ الْبَيِّنَةُ بِإِعْسَارِهِ وَجَبَ حَبْسُهُ بِدُيُونِهِ - إِنْ سَأَلَ الْغُرَمَاءُ حَبْسَهُ - وَحُكِيَ عَنْ
عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ،
وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ : أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُحْبَسَ أَحَدٌ فِي دَيْنٍ ، لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا حَبَسَ فِي دَيْنٍ قَطُّ ، وَالدَّلَالَةُ عَلَى جَوَازِ
nindex.php?page=treesubj&link=23979الْحَبْسِ فِي الدَّيْنِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
إِنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ يَدًا وَمَقَالًا يَعْنِي بِالْيَدِ : الْحَبْسَ وَالْمُلَازَمَةَ ، وَبِالْمَقَالِ : الِاقْتِضَاءَ وَالْمُطَالَبَةَ ، وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=923270لَيُّ الْوَاجِدِ يُبِيحُ عِرْضَهُ وَعُقُوبَتَهُ ، يَعْنِي بِإِبَاحَةِ الْعَرْضِ : الْمُطَالَبَةَ وَالتَّوْبِيخَ بِالْمُمَاطَلَةِ ، وَبِالْعُقُوبَةِ : الْحَبْسَ ، لِأَنَّ مَا سِوَى الْحَبْسِ مِنَ الضَّرْبِ وَغَيْرِهِ لَا يَجُوزُ ، وَقَوْلُهُ : " لَيُّ الْوَاجِدِ " يَعْنِي : مَنْعَهُ وَمُمَاطَلَتَهُ ، وَمِنْهُ قَوْلُ
ذِي الرُّمَّةِ :
تُطِيلِينَ لَيًّا لِي وَأَنْتِ مُلِيَّةٌ فَأَحْسِنْ بِآدَابِ الْوِسَاخِ التَّقَاضِيَا
[ ص: 334 ] ثُمَّ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الْحَبْسِ أَيْضًا مَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "
nindex.php?page=hadith&LINKID=923271حَبَسَ رَجُلًا يَوْمًا وَلَيْلَةً فِي تُهْمَةٍ " فَلَمَّا جَازَ حَبْسُهُ فِي تُهْمَةٍ لَمْ تَثْبُتْ عَلَيْهِ فَأَوْلَى أَنْ يَجُوزَ حَبْسُهُ فِي دَيْنٍ ثَبَتَ عَلَيْهِ ، وَلِأَنَّ الْحَبْسَ يُتَوَصَّلُ بِهِ إِلَى اسْتِيفَاءِ الْحَقِّ ، وَمَا لَا يُتَوَصَّلُ إِلَى اسْتِيفَاءِ الْحَقِّ إِلَّا بِهِ كَانَ مُسْتَحَقًّا كَالْمُلَازَمَةِ ، فَإِذًا ثَبَتَ أَنَّهُ يُحْبَسُ بِدَيْنِهِ ، - فَإِذَا اتَّفَقَ غُرَمَاؤُهُ عَلَى حَبْسِهِ حُبِسَ ، وَإِنِ اتَّفَقُوا عَلَى تَرْكِهِ أُطْلِقَ ، وَإِنِ اتَّفَقُوا عَلَى مُلَازَمَتِهِ دُونَ حَبْسِهِ لُوزِمَ ، لِأَنَّ الْمُلَازَمَةَ أَقَلُّ ضَرَرًا مِنَ الْحَبْسِ ، فَأَمَّا إِنْ سَأَلَ بَعْضُ غُرَمَائِهِ حَبْسَهُ وَرَضِيَ الْبَاقُونَ بِإِطْلَاقِهِ وَجَبَ أَنْ يُحْبَسَ لِمَنْ سَأَلَ حَبْسَهُ - وَلَوْ كَانَ وَاحِدًا وَأَقَلَّ جَمَاعَتِهِمْ حَقًّا - وَقَالَ
مَالِكٌ : لَا يَجُوزُ أَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=23979يُحْبَسَ لِبَعْضِهِمْ إِذَا أَطْلَقَهُ الْبَاقُونَ حَتَّى يَجْتَمِعُوا عَلَى حَبْسِهِ ، وَهَذَا خَطَأٌ ، لِأَنَّ حَبْسَهُ مُسْتَحَقٌّ فِي دَيْنِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَسْقُطَ حَقُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِعَفْوِ غَيْرِهِ كَالْيَمِينِ .