فصل : فإذا ثبت جواز  بيع العلو منفردا دون السفل   فلا يخلو حالهما إذا تبايعاه من ثلاثة أقسام :  
 [ ص: 412 ] أحدها : أن يشترطا في العقد أن يبني عليه .  
والثاني : أن يشترطا فيه أن لا يبني عليه .  
والثالث : أن يطلقا العقد .  
فإن اشترطا أن يبني عليه لم يخل حال الشرط من ثلاثة أقسام :  
أحدها : أن يشترطا عليه بناء معلوما بصفاته طولا وعرضا ويصفان آلته : آجر وجص ولبن وطين فهذا بيع جائز وشرط لازم ، وليس للمشتري الزيادة عليه ولا للبائع المنع منه لأنها منفعة معلومة .  
والقسم الثاني : أن يشترطا أن يبني ما شاء فهذا شرط باطل للجهالة به ، وبيع باطل لما تضمنه من بطلان الشرط الفاسد ، وخالف الأرض إذا عاوضه على البناء فيها ؛ لأن الأرض تحتمل ما يبنى عليها فلم يحتج إلى تقديره بالشرط ، والعلو لا يحتمل البناء عليه إلا إلى حد مقدر فافترقا .  
القسم الثالث : أن يشترطا البناء ولا يشترطا قدره ولا وصفا طوله وعرضه بل يكون الشرط مطلقا ففي الشرط وجهان :  
أحدهما : لازم ويبني عليه ما احتمله لأنه قد يتقدر عند أهل الخبرة بالمعتاد المألوف فلم يفتقر إلى تقديره بالشرط .  
والوجه الثاني : أن الشرط باطل لأن العادات فيه مختلفة وأهل الخبرة لا يتفقون فيه ولأنه مجهول عند المتعاقدين في الحال وهذا أصح الوجهين .  
فعلى هذا يكون البيع باطلا ، لفساد ما ضمن من الشرط فهذا الكلام فيه إذا تبايعاه بشرط البناء عليه .  
فأما إذا تبايعاه بشرط أن لا يبني عليه فالبيع جائز وليس له البناء عليه وله أن يسكن فيه ويرتفق به كيف شاء بعد أن لا يبني .  
فإن قيل : فلم صح هذا العقد وقد تضمنه شرط أوقع عليه حجرا في ملكه فصار كما لو باعه أرضا على أن لا يبني فيها .  
قيل الشرط لم يتضمن حجرا فيما ملكه بالعقد ، وإنما تضمن المنع من إحداث ما ليس على ملكه في الحال .  
والفرق بين العلو حيث جاز بيعه بشرط أن لا يبني عليه وبين الأرض حيث لم يجز      [ ص: 413 ] بيعها بشرط أن لا يبني فيها أن الأرض المبيعة لم يبق للبائع فيها حق ، ولا يدخل عليه بالبنيان فيها ضرر فبطل العقد فيها باشتراط ما لا يتعلق بحقه ، وليس كذلك العلو لأنه متصل بملك البائع وفي البناء عليه إضرار به فصار الشرط فيه متعلقا بحقه فافترقا .  
فهذا الكلام فيه إذا شرطا أن لا يبني عليه .  
فأما إذا  تبايعاه مطلقا بغير شرط فهل للمشتري أن يبني عليه أم لا ؟   على وجهين :  
أحدهما : أنه يبني عليه ما احتمله ؛ لأنها منفعة من منافع ملكه فلم يجز أن يحجر عليه فيها .  
والوجه الثاني : وهو أصح ليس له البناء لما فيه من الإضرار بالسفل وتكون منفعته مقصورة على السكنى والارتفاق بما تضمنه العقد من غير إحداث زيادة .  
فأما البيع فعلى الوجهين معا لازم وإنما الوجهان في جواز البناء .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					