[ ص: 469 ] كتاب الشركة
تحريت فيها مذهب
الشافعي رحمة الله عليه .
مسألة : قال
المزني رضي الله عنه : " الشركة من وجوه منها الغنيمة أزال الله عز وجل ملك المشركين عن
خيبر فملكها رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنون وكانوا فيه شركاء فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسة أجزاء ثم أقرع بينها فأخرج منها خمس الله تبارك وتعالى لأهله وأربعة أخماسها لأهلها ( قال
المزني ) وفي ذلك دليل على قسم الأموال والضرب عليها بالسهام ومنها المواريث ومنها الشركة في الهبات والصدقات في قوله ومنها التجارات وفي ذلك كله القسم إذا كان مما يقسم وطلبه الشريك ومنها الشركة في الصدقات المحرمات في قوله وهي الأحباس ولا وجه لقسمها في رقابها لارتفاع الملك عنها ، فإن تراضوا من السكنى سنة بسنة فلا بأس " .
قال
الماوردي : والأصل في
nindex.php?page=treesubj&link=5837إحلال الشركة وإباحتها الكتاب والسنة .
فأما الكتاب فقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=41واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل [ الأنفال : 41 ] فجعل الله تعالى خمس الغنائم مشتركة بين أهل الخمس وجعل الباقي مشتركا بين الغانمين لأنه لما أضاف المال إليهم وبين الخمس لأهله علم أن الباقي لهم كما قال
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11وورثه أبواه فلأمه الثلث [ النساء : 11 ] دل على أن الباقي بعد الثلث للأب ، وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين [ النساء : 11 ] فجعل التركة شركة بين الورثة .
وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=60إنما الصدقات للفقراء والمساكين [ التوبة : 60 ] الآية فجعل أهل السهام شركاء في الصدقات ، وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=24وإن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض [ ص : 24 ] يعني الشركاء .
وأما السنة فروى
الشافعي عن
مسلم بن خالد عن
عبد الله بن عثمان عن
مجاهد عن
السائب بن أبي السائب وكان يشارك رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجاهلية قال : فقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له :
nindex.php?page=hadith&LINKID=923321مرحبا بأخي لا يداري ولا يماري [ ص: 470 ] ، ثم قال : كم يا سائب كنت تعمل في الجاهلية أعمالا لا تقبل منك وهي اليوم تقبل ، وكان ذا سلف وصدقة .
وروى
إبراهيم بن ميسرة عن
مجاهد nindex.php?page=hadith&LINKID=923322أن قيس بن السائب قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان شريكي في الجاهلية وكان خير شريك لا يداري ولا يماري .
وروى
أبو حيان التيمي عن أبيه عن
أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=923323إن الله تعالى يقول : أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه ، فإن خان أحدهما صاحبه خرجت من بينهما .
وروى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال
يد الله على الشريكين ما لم يتخاونا .
وروي
أن النبي صلى الله عليه وسلم شرك بين أصحابه في سهام خيبر وفي الأزواد في السفر ،
واشترك رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعلي في أزوادهم يخلطونها في سفرهم .
[ ص: 469 ] كِتَابُ الشَّرِكَةِ
تَحَرَّيْتُ فِيهَا مَذْهَبَ
الشَّافِعِيِّ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ .
مَسْأَلَةٌ : قَالَ
الْمُزَنِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : " الشَّرِكَةُ مِنْ وُجُوهٍ مِنْهَا الْغَنِيمَةُ أَزَالَ اللَّهُ عَزَ وَجَلَّ مِلْكَ الْمُشْرِكِينَ عَنْ
خَيْبَرَ فَمَلَكَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَكَانُوا فِيهِ شُرَكَاءَ فَقَسَمَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْسَةَ أَجْزَاءٍ ثُمَّ أَقْرَعَ بَيْنَهَا فَأَخْرَجَ مِنْهَا خُمُسَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِأَهْلِهِ وَأَرْبَعَةَ أَخْمَاسِهَا لِأَهْلِهَا ( قَالَ
الْمُزَنِيُّ ) وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى قَسْمِ الْأَمْوَالِ وَالضَّرْبِ عَلَيْهَا بِالسِّهَامِ وَمِنْهَا الْمَوَارِيثُ وَمِنْهَا الشَّرِكَةُ فِي الْهِبَاتِ وَالصَّدَقَاتِ فِي قَوْلِهِ وَمِنْهَا التِّجَارَاتُ وَفِي ذَلِكَ كُلِّهِ الْقَسْمُ إِذَا كَانَ مِمَّا يُقْسَمُ وَطَلَبَهُ الشَّرِيكُ وَمِنْهَا الشَّرِكَةُ فِي الصَّدَقَاتِ الْمُحَرَّمَاتِ فِي قَوْلِهِ وَهِيَ الْأَحْبَاسُ وَلَا وَجْهَ لِقَسْمِهَا فِي رِقَابِهَا لِارْتِفَاعِ الْمِلْكِ عَنْهَا ، فَإِنْ تَرَاضَوْا مِنَ السُّكْنَى سَنَةً بِسَنَةٍ فَلَا بَأْسَ " .
قَالَ
الْمَاوَرْدِيُّ : وَالْأَصْلُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=5837إِحْلَالِ الشَّرِكَةِ وَإِبَاحَتِهَا الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ .
فَأَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=41وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ [ الْأَنْفَالِ : 41 ] فَجَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى خُمُسَ الْغَنَائِمِ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ أَهْلِ الْخُمُسِ وَجَعَلَ الْبَاقِيَ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الْغَانِمِينَ لِأَنَّهُ لَمَّا أَضَافَ الْمَالَ إِلَيْهِمْ وَبَيَّنَ الْخُمُسَ لِأَهْلِهِ عُلِمَ أَنَّ الْبَاقِيَ لَهُمْ كَمَا قَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ [ النِّسَاءِ : 11 ] دَلَّ عَلَى أَنَّ الْبَاقِيَ بَعْدَ الثُّلُثِ لِلْأَبِ ، وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ [ النِّسَاءِ : 11 ] فَجَعَلَ التَّرِكَةَ شَرِكَةً بَيْنَ الْوَرَثَةِ .
وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=60إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ [ التَّوْبَةِ : 60 ] الْآيَةَ فَجَعَلَ أَهْلَ السِّهَامِ شُرَكَاءَ فِي الصَّدَقَاتِ ، وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=24وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ [ ص : 24 ] يَعْنِي الشُّرَكَاءَ .
وَأَمَّا السُّنَّةُ فَرَوَى
الشَّافِعِيُّ عَنْ
مُسْلِمِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ
مُجَاهِدٍ عَنِ
السَّائِبِ بْنِ أَبِي السَّائِبِ وَكَانَ يُشَارِكُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ قَالَ : فَقَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=923321مَرْحَبًا بِأَخِي لَا يُدَارِي وَلَا يُمَارِي [ ص: 470 ] ، ثَمَّ قَالَ : كَمْ يَا سَائِبُ كُنْتَ تَعْمَلُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَعْمَالًا لَا تُقْبَلُ مِنْكَ وَهِيَ الْيَوْمَ تُقْبَلُ ، وَكَانَ ذَا سَلَفٍ وَصَدَقَةٍ .
وَرَوَى
إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْسَرَةَ عَنْ
مُجَاهِدٍ nindex.php?page=hadith&LINKID=923322أَنَّ قَيْسَ بْنَ السَّائِبِ قَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ شَرِيكِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَكَانَ خَيْرَ شَرِيكٍ لَا يُدَارِي وَلَا يُمَارِي .
وَرَوَى
أَبُو حَيَّانَ التَّيْمِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=923323إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ : أَنَا ثَالِثُ الشَّرِيكَيْنِ مَا لَمْ يَخُنْ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ ، فَإِنْ خَانَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ خَرَجْتُ مِنْ بَيْنِهِمَا .
وَرَوَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ
يَدُ اللَّهِ عَلَى الشَّرِيكَيْنِ مَا لَمْ يَتَخَاوَنَا .
وَرُوِيَ
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَرِكَ بَيْنَ أَصْحَابِهِ فِي سِهَامِ خَيْبَرَ وَفِي الْأَزْوَادِ فِي السَّفَرِ ،
وَاشْتَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعَلِيٌّ فِي أَزْوَادِهِمْ يَخْلِطُونَهَا فِي سَفَرِهِمْ .