مسألة : قال  الشافعي      : "  والاستئمار للبكر على استطابة النفس   ، قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم  وشاورهم في الأمر   لا على أن لأحد رد ما رأى صلى الله عليه وسلم ، ولكن لاستطابة أنفسهم ، وليقتدى بسنته فيهم ، وقد أمر  نعيما   أن يؤامر أم بنته " .  
قال  الماوردي      : أما  الثيب فاستئذانها واجب      : لأنها أحق بنفسها من وليها وإذنها يكون بالقول الصريح ، وأما البكر فيلزم غير الأب والجد أن يستأذنها سواء كانت صغيرة أو كبيرة : لأنه يجوز له إجبارها .  
وقال  أبو حنيفة   وداود      : يلزمه استئذانها : استدلالا بقوله صلى الله عليه وسلم :  والبكر تستأذن في نفسها وإذنها صماتها     .  
والدليل على أن استئذان الأب لها لا يجب وإنما يستحب ما قدمناه من جواز إجبارها على النكاح صغيرة وكبيرة : وما رواه  صالح بن كيسان   عن  نافع   ، عن  ابن جبير   عن  ابن عباس   أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :  ليس للولي مع الثيب أمر  ، واليتيمة وصمتها إقرارها ، فلما خص اليتيمة بالاستئمار - وهي التي لا أب لها - دل على أن ذات الأب لا يلزم استئمارها .  
فأما قوله :  والبكر تستأمر في نفسها  فيحمل مع غير الأب على الإيجاب ومع الأب على الاستحباب كما أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بمشاورة أمته فقال تعالى :  وشاورهم في الأمر      [ آل عمران : 159 ] لا على أن لأحد رد ما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم .  
 [ ص: 57 ] قال  الشافعي      : ولكن على استطابة أنفسهم وليقتدوا بسنته فيهم . واختلف فيما أمر بمشاورتهم فيه ، فقال قوم : في الحرب ومكائد العدو خاصة .  
وقال آخرون : في أمور الدنيا دون الدين .  
وقال آخرون : في أمور الدين تنبيها لهم على علل الأحكام وطريق الاجتهاد ، وقد روي  أن النبي صلى الله عليه وسلم " أمر  نعيما   أن يؤامر أم ابنته ، وقال : وأمروا الأمهات في بناتهن "  ، وإنما ذلك على استطابة أنفسهن لا على وجوب استئمارهن ، وكذلك استئمار الأب للبكر على استطابة النفس لا على الوجوب .  
				
						
						
