الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وإذا حل التعريض لها بالخطبة جاز سرا أو جهرا .

                                                                                                                                            وقال داود وطائفة من أهل الظاهر : لا يجوز أن يعرض لها بالخطبة سرا حتى يجهر : استدلالا بقوله تعالى : ولكن لا تواعدوهن سرا [ البقرة : 235 ] وهذا خطأ : لأن التعريض لما حل اقتضى أن يستوي فيه السر والجهر ، فأما قوله : لا تواعدوهن سرا ففيه لأهل التأويل أربعة أقاويل :

                                                                                                                                            أحدها : أنه الزنا . قاله الحسن ، والضحاك ، وقتادة ، والسدي .

                                                                                                                                            والثاني : ألا تنكحوهن في عددهن سرا . قاله عبد الرحمن بن يزيد .

                                                                                                                                            والثالث : ألا تأخذوا ميثاقهن وعهودهن في عددهن أن لا ينكحن غيركم . قاله ابن عباس ، وسعيد بن جبير والشعبي .

                                                                                                                                            والرابع : أنه الجماع ، قاله الشافعي ، وسمي سرا : لأنه يسر ولا يظهر ، واستشهد الشافعي بقول امرئ القيس .


                                                                                                                                            ألا زعمت بسباسة اليوم أنني كبرت وأن لا يحسن السر أمثالي     كذبت لقد أصبي على المرء عرسه
                                                                                                                                            وأمنع عرسي أن يزن بها الخالي

                                                                                                                                            وقال آخر :


                                                                                                                                            ويحرم سر جارتهم عليهم     ويأكل جارهم أنف القصاع

                                                                                                                                            [ ص: 250 ] مواعدته لها بالسر الذي هو الجماع أن يقول لها أنا كثير الجماع قوي الإنعاظ ، فحرم الله تعالى ذلك لفحشه ، وأنه ربما أثار الشهوة فلم يؤمن معه مواقعة الحرام ، وقد روى ابن لهيعة عن دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن الشياع يعني المفاخرة بالجماع .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية