الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : إذا أراد الحاكم تزويجها بفقد الولي وغيبته على ما وصفنا ، فقد اختار الشافعي له إحضار أهلها ممن له ولاية كالعصبات ، أو لا ولاية له كالأخوال : ليشاورهم في تزويجها ، [ ص: 112 ] وليسألهم عن كفاءة زوجها استطابة لنفوسهم ، كما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم نعيما أن يشاور ابنته ، إن لم يكن لها في الولاية حق ، ولأنهم أعرف بحالها وحال الزوج لمكان اختصاصهم وكثرة فراغهم من الحاكم ، فإذا أحضرهم الحاكم للمشاورة في نكاحها ، كان معهم فيه بالخيار بين أمرين : أن يقول لهم اختاروا زوجا ، فإذا اختاروا نظر الحاكم في كفاءته ، فإن كان كفؤا ، زوجها عن إذنها ، وإن كان غير كفء ، لم يزوجها به وإن أذنت فيه ورضيه أهلها : لأن للغائب حقا في طلب الأكفاء لها ، وبين أن يختار الحاكم لها كفؤا ثم يسأل الأولياء عنه بعد إذن الزوجة فيه ، فإن لم يقدحوا في كفاءته زوجها به سواء أرادوه أو لم يريدوه ، فإن قدحوا فيه ، نظر الحاكم فيما ذكروه من القدح ، فإن كان مانعا من الكفاءة لم يزوجها به والتمس لها غيره ، وإن كان غير مانع من الكفاءة زوجها به وإن كرهوه : لأن المعتبر رضى المنكوحة دونهم ، وإنما يعتبر منهم اختيار الأكفاء ، ويستحب للحاكم إذا تعذر تزويجها بمن يقع عليه الاختيار أن يرد العقد إلى الحاضر من أوليائها : ليكون عقده متفقا على صحته ، فإن لم يفعل وتفرد بالعقد من غير مشاورتهم جاز والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية