مسألة : قال
الشافعي : " وولي الكافرة كافر ، ولا يكون المسلم وليا لكافرة : لقطع الله الولاية بينهما بالدين ، إلا على أمته ، وإنما صار ذلك له لأن النكاح له ، تزوج صلى الله عليه وسلم
أم حبيبة وولى عقدة نكاحها
ابن سعيد بن العاص وهو مسلم
وأبو سفيان حي وكان وكيل النبي صلى الله عليه وسلم
عمرو ابن أمية الضمري ( قال
المزني ) ليس هذا حجة في إنكاح الأمة ، ويشبه أن يكون أراد أن لا معنى لكافر في مسلمة ، فكان
ابن سعيد ووكيله صلى الله عليه وسلم مسلمين ولم يكن لأبيها معنى في ولاية مسلمة إذا كان كافرا " .
قال
الماوردي : وأصل ذلك أن
nindex.php?page=treesubj&link=11274اتفاق الدين شرط في ثبوت الولاية على المنكوحة ، فلا يكون الكافر وليا لمسلمة ولا المسلم وليا لكافرة : لقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=141ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا [ النساء : 141 ] وقوله أيضا :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=51لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض [ المائدة : 51 ] فدلت هاتان الآيتان على أن لا ولاية لكافر على مسلمة ، وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=71والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض [ التوبة : 71 ] فدل على أن لا ولاية لمسلم على كافرة ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لما أراد أن يتزوج
nindex.php?page=showalam&ids=10583أم حبيبة بنت أبي سفيان ،
[ ص: 116 ] وكان أبوها وإخوتها كفارا ، وهي مسلمة مهاجرة بأرض
الحبشة ، تزوجها من أقرب عصباتها من المسلمين ، وهو
خالد بن سعيد بن العاص ، فدل على انتقال الولاية بالكفر عمن هو أقرب إلى من ساواها في الإسلام ، وإن كان أبعد ، فلأن الله تعالى قد قطع الموالاة باختلاف الدين ، فلم تثبت الولاية معه كما لم يثبت الميراث ، وإنما الولاية إنما شرعت لطلب الحظ لها ودفع العار عنها ، واختلاف الدين يصد عن هذا أو يمنع منه ، كما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=10لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة [ التوبة : 10 ] .
مَسْأَلَةٌ : قَالَ
الشَّافِعِيُّ : " وَوَلِيُّ الْكَافِرَةِ كَافِرٌ ، وَلَا يَكُونُ الْمُسْلِمُ وَلِيًّا لِكَافِرَةٍ : لِقَطْعِ اللَّهِ الْوِلَايَةَ بَيْنَهُمَا بِالدِّينِ ، إِلَّا عَلَى أَمَتِهِ ، وَإِنَّمَا صَارَ ذَلِكَ لَهُ لِأَنَّ النِّكَاحَ لَهُ ، تَزَوَّجَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أُمَّ حَبِيبَةَ وَوَلَّى عُقْدَةَ نِكَاحِهَا
ابْنَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ وَهُوَ مُسْلِمٌ
وَأَبُو سُفْيَانَ حَيٌ وَكَانَ وَكِيلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
عَمْرَو ابْنَ أُمَيَّةَ الضَّمَرِيُّ ( قَالَ
الْمُزَنِيُّ ) لَيْسَ هَذَا حُجَّةً فِي إِنْكَاحِ الْأَمَةِ ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ أَنْ لَا مَعْنَى لِكَافِرٍ فِي مُسْلِمَةٍ ، فَكَانَ
ابْنُ سَعِيدٍ وَوَكِيلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْلِمَيْنِ وَلَمْ يَكُنْ لِأَبِيهَا مَعْنًى فِي وِلَايَةِ مُسْلِمَةٍ إِذَا كَانَ كَافِرًا " .
قَالَ
الْمَاوَرْدِيُّ : وَأَصْلُ ذَلِكَ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=11274اتِّفَاقَ الدِّينِ شَرْطٌ فِي ثُبُوتِ الْوِلَايَةِ عَلَى الْمَنْكُوحَةِ ، فَلَا يَكُونُ الْكَافِرُ وَلِيًّا لِمُسْلِمَةٍ وَلَا الْمُسْلِمُ وَلِيًّا لِكَافِرَةٍ : لِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=141وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا [ النِّسَاءِ : 141 ] وَقَوْلُهُ أَيْضًا :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=51لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ [ الْمَائِدَةِ : 51 ] فَدَلَّتْ هَاتَانِ الْآيَتَانِ عَلَى أَنْ لَا وِلَايَةَ لِكَافِرٍ عَلَى مُسْلِمَةٍ ، وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=71وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ [ التَّوْبَةِ : 71 ] فَدَلَّ عَلَى أَنْ لَا وِلَايَةَ لِمُسْلِمٍ عَلَى كَافِرَةٍ ، وَلِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ
nindex.php?page=showalam&ids=10583أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ ،
[ ص: 116 ] وَكَانَ أَبُوهَا وَإِخْوَتُهَا كُفَّارًا ، وَهِيَ مُسْلِمَةٌ مُهَاجِرَةٌ بِأَرْضِ
الْحَبَشَةِ ، تَزَوَّجَهَا مِنْ أَقْرَبِ عَصَبَاتِهَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، وَهُوَ
خَالِدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ ، فَدَلَّ عَلَى انْتِقَالِ الْوِلَايَةِ بِالْكُفْرِ عَمَّنْ هُوَ أَقْرَبُ إِلَى مَنْ سَاوَاهَا فِي الْإِسْلَامِ ، وَإِنْ كَانَ أَبْعَدَ ، فَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ قَطَعَ الْمُوَالَاةَ بِاخْتِلَافِ الدِّينِ ، فَلَمْ تَثْبُتِ الْوِلَايَةُ مَعَهُ كَمَا لَمْ يَثْبُتِ الْمِيرَاثُ ، وَإِنَّمَا الْوِلَايَةُ إِنَّمَا شُرِعَتْ لِطَلَبِ الْحَظِّ لَهَا وَدَفْعِ الْعَارِ عَنْهَا ، وَاخْتِلَافُ الدِّينِ يَصُدُّ عَنْ هَذَا أَوْ يَمْنَعُ مِنْهُ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=10لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً [ التَّوْبَةِ : 10 ] .