مسألة : قال
الشافعي : " وأحب أن يقدم بين يدي خطبته وكل أمر طلبه سوى الخطبة حمد الله تعالى والثناء عليه والصلاة على رسوله عليه الصلاة والسلام والوصية بتقوى الله ثم يخطب ، وأحب للولي أن يفعل مثل ذلك ، وأن يقول ما قال
ابن عمر : أنكحتك على ما أمر الله به من إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان " .
قال
الماوردي : اعلم أن
nindex.php?page=treesubj&link=11425خطبة النكاح قبل الخطبة سنة مستحبة وليست بواجبة .
وقال
أبو عبيد القاسم بن سلام ،
وداود بن علي : خطبة النكاح واجبة استدلالا برواية
الأعرج عن
أبي سلمة عن
أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=920567كل أمر ذي بال لم يبدأ فيه بحمد الله فهو أبتر ولأن النبي صلى الله عليه وسلم ما عقد لنفسه نكاحا إلا بعد خطبة ، فكان الخاطب في تزويجه
nindex.php?page=showalam&ids=10640خديجة عمه
أبا طالب ، وكان الخاطب بتزويجه
بعائشة طلحة بن عبيد الله ، وزوج
فاطمة [ ص: 164 ] بعلي فخطبا جميعا ، ولأنه عمل مقبول قد اتفق عليه أهل الأمصار في جميع الأعصار ، فكان إجماعا لا يسوغ خلافا ، ولأن ما وقع به الفرق بين ما يستبشر [ به من الزنا ويعلن من النكاح ] كان واجبا في النكاح ، كالولي والشهود .
والدليل على صحة ما ذهبنا إليه من استحبابها دون وجوبها هو قول جمهور الفقهاء ، قول الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=25فانكحوهن بإذن أهلهن [ النساء : 25 ] . فجعل الإذن شرطا دون الخطبة ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم حين زوج الواهبة لنفسها من خاطبها قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=923902قد زوجتكها بما معك من القرآن ، فلم يخطب .
وروي
nindex.php?page=hadith&LINKID=923903أن رجلا من بني سليم خطب من رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمامة بنت عبد المطلب ، فأنكحه ولم يخطب .
وروي أن
الحسين بن علي - رضي الله عنه - زوج بعض بنات أخيه
الحسن وهو يتعرق عظما ، أي لم يخطب تشاغلا به .
وروي أن
ابن عمر زوج بنته ، فما زاد على أن قال : قد زوجتكها على ما أمر الله - تعالى - به من إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ، ولأن
nindex.php?page=treesubj&link=11425الخطبة لو وجبت في النكاح لبطل بتركها ، وفي إجماعهم على صحة النكاح تركها دليل على استحبابها دون وجوبها ، ولأن النكاح عقد فلم تجب فيه الخطبة كسائر العقود ، فأما الاستدلال بالخبر فلم يخرج مخرج الأمر فيلزم ، وإنما أخبر أنه أبتر وليس في هذا القول دليل على الوجوب على أن للخبر سببا هو محمول عليه قد ذكرناه في أول الكتاب .
وأما استدلالهم
بأن النبي صلى الله عليه وسلم ما عقد نكاحا إلا بعد خطبة ، فقد قيل : إنه نكح بعض نسائه بغير خطبة ، وقد زوج الواهبة بغير خطبة ، وليس ما استدلوا به من العمل المنقول إجماعا لما روينا من خلافه ، فلم يكن فيه دليل ولا في كونها فرقا بين الزنا والنكاح دليل على وجوبها كالولائم .
مَسْأَلَةٌ : قَالَ
الشَّافِعِيُّ : " وَأُحِبُّ أَنْ يُقَدِّمَ بَيْنَ يَدَيْ خُطْبَتِهِ وَكُلِّ أَمْرٍ طَلَبَهُ سِوَى الْخُطْبَةِ حَمْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَالثَّنَاءَ عَلَيْهِ وَالصَّلَاةَ عَلَى رَسُولِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَالْوَصِيَّةَ بِتَقْوَى اللَّهِ ثُمَّ يَخْطِبُ ، وَأُحِبُّ لِلْوَلِيِّ أَنْ يَفْعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ ، وَأَنْ يَقُولَ مَا قَالَ
ابْنُ عُمَرَ : أَنْكَحْتُكَ عَلَى مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ مِنْ إِمْسَاكٍ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٍ بِإِحْسَانٍ " .
قَالَ
الْمَاوَرْدِيُّ : اعْلَمْ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=11425خُطْبَةَ النِّكَاحِ قَبْلَ الْخِطْبَةِ سُنَّةٌ مُسْتَحَبَّةُ وَلَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ .
وَقَالَ
أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَامٍ ،
وَدَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ : خُطْبَةُ النِّكَاحِ وَاجِبَةٌ اسْتِدْلَالًا بِرِوَايَةِ
الْأَعْرَجِ عَنْ
أَبِي سَلَمَةَ عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=920567كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لَمْ يُبْدَأْ فِيهِ بِحَمْدِ اللَّهِ فَهُوَ أَبْتَرُ وَلِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا عَقَدَ لِنَفْسِهِ نِكَاحًا إِلَّا بَعْدَ خُطْبَةٍ ، فَكَانَ الْخَاطِبُ فِي تَزْوِيجِهِ
nindex.php?page=showalam&ids=10640خَدِيجَةَ عَمَّهُ
أَبَا طَالِبٍ ، وَكَانَ الْخَاطِبُ بِتَزْوِيجِهِ
بِعَائِشَةَ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ ، وَزَوَّجَ
فَاطِمَةَ [ ص: 164 ] بِعَلِيٍّ فَخَطَبَا جَمِيعًا ، وَلِأَنَّهُ عَمَلٌ مَقْبُولٌ قَدِ اتَّفَقَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْأَمْصَارِ فِي جَمِيعِ الْأَعْصَارِ ، فَكَانَ إِجْمَاعًا لَا يُسَوِّغُ خِلَافًا ، وَلِأَنَّ مَا وَقَعَ بِهِ الْفَرْقُ بَيْنَ مَا يُسْتَبْشَرُ [ بِهِ مِنَ الزِّنَا وَيُعْلَنُ مِنَ النِّكَاحِ ] كَانَ وَاجِبًا فِي النِّكَاحِ ، كَالْوَلِيِّ وَالشُّهُودِ .
وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبْنَا إِلَيْهِ مِنَ اسْتِحْبَابِهَا دُونَ وُجُوبِهَا هُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ ، قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=25فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ [ النِّسَاءِ : 25 ] . فَجُعِلَ الْإِذْنُ شَرْطًا دُونَ الْخُطْبَةِ ، وَلِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ زَوَّجَ الْوَاهِبَةَ لِنَفْسِهَا مِنْ خَاطِبِهَا قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=923902قَدْ زَوَّجْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ ، فَلَمْ يَخْطُبْ .
وَرُوِيَ
nindex.php?page=hadith&LINKID=923903أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ خَطَبَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أُمَامَةَ بِنْتِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، فَأَنْكَحُهُ وَلَمْ يَخْطُبْ .
وَرُوِيَ أَنَّ
الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - زَوَّجَ بَعْضَ بَنَاتِ أَخِيهِ
الْحَسَنِ وَهُوَ يَتَعَرَّقُ عَظْمًا ، أَيْ لَمْ يَخْطُبْ تَشَاغُلًا بِهِ .
وَرُوِيَ أَنَّ
ابْنَ عُمَرَ زَوَّجَ بِنْتَهُ ، فَمَا زَادَ عَلَى أَنْ قَالَ : قَدْ زَوَّجْتُكَهَا عَلَى مَا أَمَرَ اللَّهُ - تَعَالَى - بِهِ مِنْ إِمْسَاكٍ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٍ بِإِحْسَانٍ ، وَلِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=11425الْخُطْبَةَ لَوْ وَجَبَتْ فِي النِّكَاحِ لَبَطَلَ بِتَرْكِهَا ، وَفِي إِجْمَاعِهِمْ عَلَى صِحَّةِ النِّكَاحِ تَرَكُهَا دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِهَا دُونَ وُجُوبِهَا ، وَلِأَنَّ النِّكَاحَ عُقْدٌ فَلَمْ تَجِبْ فِيهِ الْخُطْبَةُ كَسَائِرِ الْعُقُودِ ، فَأَمَّا الِاسْتِدْلَالُ بِالْخَبَرِ فَلَمْ يَخْرُجْ مَخْرَجَ الْأَمْرِ فَيَلْزَمُ ، وَإِنَّمَا أَخْبَرَ أَنَّهُ أَبْتَرُ وَلَيْسَ فِي هَذَا الْقَوْلِ دَلِيلٌ عَلَى الْوُجُوبِ عَلَى أَنَّ لِلْخَبَرِ سَبَبًا هُوَ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ .
وَأَمَّا اسْتِدْلَالُهُمْ
بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا عَقَدَ نِكَاحًا إِلَّا بَعْدَ خُطْبَةٍ ، فَقَدْ قِيلَ : إِنَّهُ نَكَحَ بَعْضَ نِسَائِهِ بِغَيْرِ خُطْبَةٍ ، وَقَدْ زَوَّجَ الْوَاهِبَةَ بِغَيْرِ خُطْبَةٍ ، وَلَيْسَ مَا اسْتَدَلُّوا بِهِ مِنَ الْعَمَلِ الْمَنْقُولِ إِجْمَاعًا لِمَا رُوِّينَا مِنْ خِلَافِهِ ، فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ دَلِيلٌ وَلَا فِي كَوْنِهَا فَرْقًا بَيْنَ الزِّنَا وَالنِّكَاحِ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِهَا كَالْوَلَائِمِ .