فصل : فأما
أبو حنيفة فاستدل على وقوع الفرقة باختلاف الدارين من غير توقف بقول الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=10ياأيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن [ الممتحنة : 10 ] فاقتضى أن تحرم عليه بالإسلام سواء أسلم بعدها أو لم يسلم : وبرواية
عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده :
nindex.php?page=hadith&LINKID=923966أن nindex.php?page=showalam&ids=437زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم هاجرت إليه ، وتخلف زوجها أبو العاص بن ربيع كافرا بمكة ، ثم أسلم فردها عليه بنكاح جديد ، فدل على
nindex.php?page=treesubj&link=11453وقوع الفرقة باختلاف الدارين .
[ ص: 260 ] قال : ولأن اختلاف الدار بهما حكما وفعلا يوجب الفرقة بينهما قياسا على سبي أحدهما واسترقاقه .
قال : ولأن دار الحرب دار غلبة وقهر : لأن من غلب فيها على شيء ملكه ، ألا ترى لو غلب العبد سيده على نفسه صار العبد حرا ، وصار السيد له عبدا ، ولو غلبت المرأة زوجها على نفسه بطل نكاحها ، وصار الزوج لها عبدا ، فاقتضى أن تصير الزوجة بإسلامها إذا هاجرت من دار الحرب متغلبة على نفسها ، فوجب أن يبطل نكاحها .
والدليل على أن
nindex.php?page=treesubj&link=11453اختلاف الدارين لا يوجب وقوع الفرقة بإسلام أحد الزوجين : ما
روي أن أبا سفيان بن حرب وحكيم بن حزام أسلما بمر الظهران - وهي بحلول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها واستيلائه عليها دار إسلام - وزوجتاهما على الشرك بمكة - وهي إذا ذاك دار الحرب - ثم أسلمتا بعد الفتح ، فأقرهما رسول الله صلى الله عليه وسلم على النكاح .
فإن قيل :
مر الظهران من سواد
مكة ، وتابعة لها في الحكم ، فلم يكن إسلامها إلا في دار واحدة ، ففيه جوابان :
أحدهما : أن
مر الظهران دار الخزاعة محازة عن حكم
مكة : لأن
خزاعة كانت في حلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت
بنو بكر في حلف
قريش ، ولنصرة النبي صلى الله عليه وسلم
لخزاعة صار إلى
قريش بمكة .
والجواب الثاني : أن
مر الظهران لو كان من سواد
مكة : لجاز أن ينفرد عن حكمها باستيلاء الإسلام عليها ، كما لو فتح المسلمون سواد بلد من دار الحرب ، صار ذلك السواد دار إسلام وإن كان البلد دار الحرب ، ويدل على ذلك ما روي
nindex.php?page=hadith&LINKID=923968أن النبي صلى الله عليه وسلم لما دخل مكة عام الفتح ، هرب صفوان بن أمية إلى الطائف ، وهرب عكرمة بن أبي جهل إلى ساحل البحر مشركين ، فأسلمت زوجاتهما بمكة ، وكانت زوجة صفوان برزة بنت مسعود بن عمرو الثقفي ، وزوجة عكرمة أم حكيم بنت الحارث بن هشام بن المغيرة ، وأخذتا من رسول الله صلى الله عليه وسلم أمانا لهما ، فدخل صفوان من الطائف بالأمان ، وأقام على شركه حتى شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حنينا ، وأعاره سلاحا ثم أسلم ، وعاد عكرمة من ساحل البحر - وقد عزم على ركوبه هربا - فأسلم ، فأقرهما رسول الله صلى الله عليه وسلم مع زوجتيهما مع اختلاف الدارين بهما : لأن
مكة كانت قد صارت بالفتح دار إسلام ، وكانت
الطائف والساحل دار الحرب .
فإن قيل : هما من سواد
مكة وفي حكمهما .
فالجواب عنه بما مضى .
ومن القياس : أنه إسلام بعد الإصابة فوجب إذا اجتمعا عليه في العدة أن لا تقع به الفرقة قياسا على اجتماع إسلامهما في دار الحرب : ولأن ما كانت البينونة به منتظرة لم يؤثر فيه اختلاف الدارين كالطلاق الرجعي ، وما كانت البينونة معجلة لم يؤثر فيه اتفاق الدارين كالطلاق الثلاث فوجب أن تكون الفرقة بالإسلام ملحقة بأحدهما .
[ ص: 261 ] فأما الجواب عن استدلالهم بالآية : فنحن نقول بموجبها : لأنها لا ترد المسلمة إلى كافر ، ولا تحل له ، ولا تمسك بعصمة كافر ، وإنما يردها إلى مسلم ، ويمسك بعصمة مسلمة .
وأما الجواب عن حديث
زينب فمن وجهين :
أحدهما : ما رواه عن
ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم ردها عليه بالنكاح الأول .
والثاني : أنه يجوز أن يكون استأنف لها نكاحا : لأنه أسلم بعد انقضاء العدة حين أسره
أبو بصير الثقفي بسيف البحر من نحو الجار .
وأما قياسهم على السبي والاسترقاق فليس المعنى فيه افتراق الدارين إنما حدوث الاسترقاق ، ألا ترى أنه لو استرق أحدهما وهما في دار الحرب بطل النكاح ، ولو استرقا معا بطل النكاح ، فصار السبي مخالفا للإسلام ، وعلى أن الفرقة بالاسترقاق غير منتظرة بحال ، والفرقة بالإسلام منتظرة في حال فافترقا .
وأما الاستدلال بأنها متغلبة على بضعها فلا يصح : لأن الأعيان تملك بالتغلب دون الأبضاع ، ألا ترى أن مسلما لو غلب على بضع مشركة لم تصر زوجة ، ولم يصر زوجا ولو تغلب على رقبتها صارت ملكا .
فَصْلٌ : فَأَمَّا
أَبُو حَنِيفَةَ فَاسْتَدَلَّ عَلَى وُقُوعِ الْفُرْقَةِ بِاخْتِلَافِ الدَّارَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=10يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ [ الْمُمْتَحِنَةِ : 10 ] فَاقْتَضَى أَنْ تَحْرُمَ عَلَيْهِ بِالْإِسْلَامِ سَوَاءٌ أَسْلَمَ بَعْدَهَا أَوْ لَمْ يُسْلِمْ : وَبِرِوَايَةِ
عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=923966أَنَّ nindex.php?page=showalam&ids=437زَيْنَبَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَاجَرَتْ إِلَيْهِ ، وَتَخَلَّفَ زَوْجُهَا أَبُو الْعَاصِ بْنُ رَبِيعٍ كَافِرًا بِمَكَّةَ ، ثُمَّ أَسْلَمَ فَرَدَّهَا عَلَيْهِ بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ ، فَدَلَّ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=11453وُقُوعِ الْفُرْقَةِ بِاخْتِلَافِ الدَّارَيْنِ .
[ ص: 260 ] قَالَ : وَلِأَنَّ اخْتِلَافَ الدَّارِ بِهِمَا حُكْمًا وَفِعْلًا يُوجِبُ الْفُرْقَةَ بَيْنَهُمَا قِيَاسًا عَلَى سَبْيِ أَحَدِهِمَا وَاسْتِرْقَاقِهِ .
قَالَ : وَلِأَنَّ دَارَ الْحَرْبِ دَارُ غَلَبَةٍ وَقَهْرٍ : لِأَنَّ مَنْ غَلَبَ فِيهَا عَلَى شَيْءِ مَلَكَهُ ، أَلَا تَرَى لَوْ غَلَبَ الْعَبْدُ سَيِّدَهُ عَلَى نَفْسِهِ صَارَ الْعَبْدُ حُرًّا ، وَصَارَ السَّيِّدُ لَهُ عَبْدًا ، وَلَوْ غَلَبَتِ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا عَلَى نَفْسِهِ بَطَلَ نِكَاحُهَا ، وَصَارَ الزَّوْجُ لَهَا عَبْدًا ، فَاقْتَضَى أَنْ تَصِيرَ الزَّوْجَةُ بِإِسْلَامِهَا إِذَا هَاجَرَتْ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ مُتَغَلِّبَةً عَلَى نَفْسِهَا ، فَوَجَبَ أَنْ يَبْطُلَ نِكَاحُهَا .
وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=11453اخْتِلَافَ الدَّارَيْنِ لَا يُوجِبُ وُقُوعَ الْفُرْقَةِ بِإِسْلَامِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ : مَا
رُوِيَ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ وَحَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ أَسْلَمَا بِمَرِّ الظَّهْرَانِ - وَهِيَ بِحُلُولِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا وَاسْتِيلَائِهِ عَلَيْهَا دَارُ إِسْلَامٍ - وَزَوْجَتَاهُمَا عَلَى الشِّرْكِ بِمَكَّةَ - وَهِيَ إِذَا ذَاكَ دَارُ الْحَرْبِ - ثُمَّ أَسْلَمَتَا بَعْدَ الْفَتْحِ ، فَأَقَرَّهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى النِّكَاحِ .
فَإِنْ قِيلَ :
مَرُّ الظَّهْرَانِ مِنْ سَوَادِ
مَكَّةَ ، وَتَابِعَةٌ لَهَا فِي الْحُكْمِ ، فَلَمْ يَكُنْ إِسْلَامُهَا إِلَّا فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ ، فَفِيهِ جَوَابَانِ :
أَحَدُهُمَا : أَنَّ
مَرَّ الظَّهْرَانِ دَارُ الْخُزَاعَةِ مُحَازَةٌ عَنْ حُكْمِ
مَكَّةَ : لِأَنَّ
خُزَاعَةَ كَانَتْ فِي حِلْفِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَتْ
بَنُو بَكْرٍ فِي حِلْفِ
قُرَيْشٍ ، وَلِنُصْرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
لِخُزَاعَةَ صَارَ إِلَى
قُرَيْشٍ بِمَكَّةَ .
وَالْجَوَابُ الثَّانِي : أَنَّ
مَرَّ الظَّهْرَانِ لَوْ كَانَ مِنْ سَوَادِ
مَكَّةَ : لَجَازَ أَنْ يَنْفَرِدَ عَنْ حُكْمِهَا بِاسْتِيلَاءِ الْإِسْلَامِ عَلَيْهَا ، كَمَا لَوْ فَتَحَ الْمُسْلِمُونَ سَوَادَ بَلَدٍ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ ، صَارَ ذَلِكَ السَّوَادُ دَارَ إِسْلَامٍ وَإِنْ كَانَ الْبَلَدُ دَارَ الْحَرْبِ ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا رُوِيَ
nindex.php?page=hadith&LINKID=923968أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا دَخَلَ مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ ، هَرَبَ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ إِلَى الطَّائِفِ ، وَهَرَبَ عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ إِلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ مُشْرِكَيْنِ ، فَأَسْلَمَتْ زَوْجَاتُهُمَا بِمَكَّةَ ، وَكَانَتْ زَوْجَةُ صَفْوَانَ بَرْزَةَ بِنْتَ مَسْعُودِ بْنِ عَمْرٍو الثَّقَفِيِّ ، وَزَوْجَةُ عِكْرِمَةَ أَمَّ حَكِيمِ بِنْتَ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ ، وَأَخَذَتَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَانًا لَهُمَا ، فَدَخَلَ صَفْوَانُ مِنَ الطَّائِفِ بِالْأَمَانِ ، وَأَقَامَ عَلَى شِرْكِهِ حَتَّى شَهِدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُنَيْنًا ، وَأَعَارَهُ سِلَاحًا ثُمَّ أَسْلَمَ ، وَعَادَ عِكْرِمَةُ مِنْ سَاحِلِ الْبَحْرِ - وَقَدْ عَزَمَ عَلَى رُكُوبِهِ هَرَبًا - فَأَسْلَمَ ، فَأَقَرَّهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ زَوْجَتَيْهِمَا مَعَ اخْتِلَافِ الدَّارَيْنِ بِهِمَا : لِأَنَّ
مَكَّةَ كَانَتْ قَدْ صَارَتْ بِالْفَتْحِ دَارَ إِسْلَامٍ ، وَكَانَتِ
الطَّائِفُ وَالسَّاحِلُ دَارَ الْحَرْبِ .
فَإِنْ قِيلَ : هُمَا مِنْ سَوَادِ
مَكَّةَ وَفِي حُكْمِهِمَا .
فَالْجَوَابُ عَنْهُ بِمَا مَضَى .
وَمِنَ الْقِيَاسِ : أَنَّهُ إِسْلَامٌ بَعْدَ الْإِصَابَةِ فَوَجَبَ إِذَا اجْتَمَعَا عَلَيْهِ فِي الْعِدَّةِ أَنْ لَا تَقَعَ بِهِ الْفُرْقَةُ قِيَاسًا عَلَى اجْتِمَاعِ إِسْلَامِهِمَا فِي دَارِ الْحَرْبِ : وَلِأَنَّ مَا كَانَتِ الْبَيْنُونَةُ بِهِ مُنْتَظَرَةً لَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ اخْتِلَافُ الدَّارَيْنِ كَالطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ ، وَمَا كَانَتِ الْبَيْنُونَةُ مُعَجَّلَةً لَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ اتِّفَاقُ الدَّارَيْنِ كَالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ الْفُرْقَةُ بِالْإِسْلَامِ مُلْحَقَةً بِأَحَدِهِمَا .
[ ص: 261 ] فَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ اسْتِدْلَالِهِمْ بِالْآيَةِ : فَنَحْنُ نَقُولُ بِمُوجِبِهَا : لِأَنَّهَا لَا تُرَدُّ الْمُسْلِمَةُ إِلَى كَافِرٍ ، وَلَا تَحِلُّ لَهُ ، وَلَا تُمْسَكُ بِعِصْمَةِ كَافِرٍ ، وَإِنَّمَا يَرُدُّهَا إِلَى مُسْلِمٍ ، وَيُمْسِكُ بِعِصْمَةِ مُسْلِمَةٍ .
وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ حَدِيثِ
زَيْنَبَ فَمِنْ وَجْهَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : مَا رَوَاهُ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَدَّهَا عَلَيْهِ بِالنِّكَاحِ الْأَوَّلِ .
وَالثَّانِي : أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اسْتَأْنَفَ لَهَا نِكَاحًا : لِأَنَّهُ أَسْلَمَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ حِينَ أَسَرَهُ
أَبُو بَصِيرٍ الثَّقَفِيُّ بِسَيْفِ الْبَحْرِ مِنْ نَحْوِ الْجَارِ .
وَأَمَّا قِيَاسُهُمْ عَلَى السَّبْيِ وَالِاسْتِرْقَاقِ فَلَيْسَ الْمَعْنَى فِيهِ افْتِرَاقُ الدَّارَيْنِ إِنَّمَا حُدُوثُ الِاسْتِرْقَاقِ ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوِ اسْتُرِقَّ أَحَدُهُمَا وَهُمَا فِي دَارِ الْحَرْبِ بَطَلَ النِّكَاحُ ، وَلَوِ اسْتُرِقَّا مَعًا بَطَلَ النِّكَاحُ ، فَصَارَ السَّبْيُ مُخَالِفًا لِلْإِسْلَامِ ، وَعَلَى أَنَّ الْفُرْقَةَ بِالِاسْتِرْقَاقِ غَيْرُ مُنْتَظِرَةٍ بِحَالٍ ، وَالْفُرْقَةَ بِالْإِسْلَامِ مُنْتَظِرَةٌ فِي حَالٍ فَافْتَرَقَا .
وَأَمَّا الِاسْتِدْلَالُ بِأَنَّهَا مُتَغَلِّبَةٌ عَلَى بُضْعِهَا فَلَا يَصِحُّ : لِأَنَّ الْأَعْيَانَ تُمْلَكُ بِالتَّغَلُّبِ دُونَ الْأَبْضَاعِ ، أَلَا تَرَى أَنَّ مُسَلِّمًا لَوْ غَلَبَ عَلَى بُضْعِ مُشْرِكَةٍ لَمْ تَصِرْ زَوْجَةً ، وَلَمْ يَصِرْ زَوْجًا وَلَوْ تَغَلَّبَ عَلَى رَقَبَتِهَا صَارَتْ مِلْكًا .