[ ص: 301 ] باب
nindex.php?page=treesubj&link=23238طلاق الشرك
قال
الشافعي ، رحمه الله : " وإذ
أثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم نكاح الشرك ، وأقر أهله عليه في الإسلام ، لم يجز - والله أعلم - إلا أن يثبت طلاق الشرك : لأن الطلاق يثبت بثبوت النكاح ويسقط بسقوطه ، فإن
nindex.php?page=treesubj&link=23238أسلما ، وقد طلقها في الشرك ثلاثا ، لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره ، ولو تزوجها غيره في الشرك حلت له ، ولمسلم لو طلقها ثلاثا " .
قال
الماوردي : وهذا كما قال ،
nindex.php?page=treesubj&link=11444_11448نكاح الشرك صحيح ، والإقرار عليه جائز ، وطلاق الشرك واقع ، وحكم الفرقة ثابت .
وقال
مالك : مناكحهم باطلة ، وإن أقروا عليها ، وطلاقهم غير واقع ، واستدل على بطلان مناكحهم بقول النبي صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=923971اتقوا الله في النساء فإنما ملكتم فروجهن بكلمة الله تعالى يعني بكتاب الله ودين الإسلام ، فلم يجز أن يملكها بغير ذلك ، ولأنهم قد كانوا يعتقدون إلقاء الثوب على المرأة نكاحا ، وقهرها على نفسها نكاحا ، والمبادلة بالنساء نكاحا ، وكل ذلك مردود بالشرع ، فلم يجز أن يصح في الإسلام ، واستدل على أن طلاقهم لا يقع ولا يلزم بقول الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=38قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف [ الأنفال : 38 ] . فاقتضى أن يكون الطلاق مغفورا ، قال : ولأنهم كانوا يرون الظهار طلاقا مؤبدا ، وقد أبطله الله تعالى وغير حكمه .
ودليلنا : أن الله تعالى أضاف إليهم مناكح نسائهم ، فقال في
امرأة أبي لهب :
nindex.php?page=tafseer&surano=111&ayano=4وامرأته حمالة الحطب [ المسد : 4 ] . وفي
امرأة فرعون :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=9وقالت امرأة فرعون قرة عين لي ولك [ القصص : 9 ] . والإضافة محمولة على الحقيقة مقتضية للتمليك وقال النبي صلى الله عليه وسلم :
ولدت من نكاح لا من سفاح ، وكانت مناكح آبائه في الشرك تدل على صحتها ، ووقوع الفرق بينها وبين السفاح ،
ولأن النبي صلى الله عليه وسلم رجم يهوديين زنيا ، ولا يرجم إلا محصنا بنكاح ، ولأنها مناكح يقر عليها أهلها ، فوجب أن يحكم بصحتها قياسا على مناكح المسلمين .
فأما الجواب عن استدلالهم بالخبر فمعنى قوله :
nindex.php?page=hadith&LINKID=923972استحللتم فروجهن بكلمة الله أي بإباحة الله ، وقد أباح الله تعالى مناكحهم بإقرارهم عليها .
[ ص: 302 ] وأما قولهم أنهم يرون من المناكح بينهم ما لا نراه فهو معفو عنه : لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد كان يعرف اختلاف آبائهم فيه ، فلم يكشف عنه .
وأما استدلاله بقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=38يغفر لهم ما قد سلف [ الأنفال : 38 ] . فيعني من الآثام دون الأحكام ، وأما الظهار فبالفسخ أبطل حكمه ، وحكمه بالطلاق مقر .
[ ص: 301 ] بَابُ
nindex.php?page=treesubj&link=23238طَلَاقِ الشِّرْكِ
قَالَ
الشَّافِعِيُّ ، رَحِمَهُ اللَّهُ : " وَإِذْ
أَثْبَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِكَاحَ الشِّرْكِ ، وَأَقَرَّ أَهْلَهُ عَلَيْهِ فِي الْإِسْلَامِ ، لَمْ يَجُزْ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - إِلَّا أَنْ يَثْبُتَ طَلَاقُ الشِّرْكِ : لِأَنَّ الطَّلَاقَ يَثْبُتُ بِثُبُوتِ النِّكَاحِ وَيَسْقُطُ بِسُقُوطِهِ ، فَإِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=23238أَسْلَمَا ، وَقَدْ طَلَّقَهَا فِي الشِّرْكِ ثَلَاثًا ، لَمْ تَحِلَّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ ، وَلَوْ تَزَوَّجَهَا غَيْرُهُ فِي الشِّرْكِ حَلَّتْ لَهُ ، وَلِمُسْلِمٍ لَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا " .
قَالَ
الْمَاوَرْدِيُّ : وَهَذَا كَمَا قَالَ ،
nindex.php?page=treesubj&link=11444_11448نِكَاحُ الشِّرْكِ صَحِيحٌ ، وَالْإِقْرَارُ عَلَيْهِ جَائِزٌ ، وَطَلَاقُ الشِّرْكِ وَاقِعٌ ، وَحُكْمُ الْفُرْقَةِ ثَابِتٌ .
وَقَالَ
مَالِكٌ : مَنَاكِحُهُمْ بَاطِلَةٌ ، وَإِنْ أُقِرُّوا عَلَيْهَا ، وَطَلَاقُهُمْ غَيْرُ وَاقِعٍ ، وَاسْتَدَلَّ عَلَى بُطْلَانِ مَنَاكِحِهِمْ بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=923971اتَّقَوْا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ فَإِنَّمَا مَلَكْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ تَعَالَى يَعْنِي بِكِتَابِ اللَّهِ وَدِينِ الْإِسْلَامِ ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَمْلِكَهَا بِغَيْرِ ذَلِكَ ، وَلِأَنَّهُمْ قَدْ كَانُوا يَعْتَقِدُونَ إِلْقَاءَ الثَّوْبِ عَلَى الْمَرْأَةِ نِكَاحًا ، وَقَهْرَهَا عَلَى نَفْسِهَا نِكَاحًا ، وَالْمُبَادَلَةَ بِالنِّسَاءِ نِكَاحًا ، وَكُلُّ ذَلِكَ مَرْدُودٌ بِالشَّرْعِ ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَصِحَّ فِي الْإِسْلَامِ ، وَاسْتَدَلَّ عَلَى أَنَّ طَلَاقَهُمْ لَا يَقَعُ وَلَا يَلْزَمُ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=38قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ [ الْأَنْفَالِ : 38 ] . فَاقْتَضَى أَنْ يَكُونَ الطَّلَاقُ مَغْفُورًا ، قَالَ : وَلِأَنَّهُمْ كَانُوا يَرَوْنَ الظِّهَارَ طَلَاقًا مُؤَبَّدًا ، وَقَدْ أَبْطَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَغَيَّرَ حُكْمَهُ .
وَدَلِيلُنَا : أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَضَافَ إِلَيْهِمْ مَنَاكِحَ نِسَائِهِمْ ، فَقَالَ فِي
امْرَأَةِ أَبِي لَهَبٍ :
nindex.php?page=tafseer&surano=111&ayano=4وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ [ الْمَسَدِ : 4 ] . وَفِي
امْرَأَةِ فِرْعَوْنَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=9وَقَالَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ [ الْقَصَصِ : 9 ] . وَالْإِضَافَةُ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْحَقِيقَةِ مُقْتَضِيَةٌ لِلتَّمْلِيكِ وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
وُلِدْتُ مِنْ نِكَاحٍ لَا مِنْ سِفَاحٍ ، وَكَانَتْ مَنَاكِحُ آبَائِهِ فِي الشِّرْكِ تَدُلُّ عَلَى صِحَّتِهَا ، وَوُقُوعُ الْفَرْقِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ السَّفَّاحِ ،
وَلِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجَمَ يَهُودِيَّيْنِ زَنَيَا ، وَلَا يَرْجُمُ إِلَّا مُحَصَّنًا بِنِكَاحٍ ، وَلِأَنَّهَا مَنَاكِحُ يُقَرُّ عَلَيْهَا أَهْلُهَا ، فَوَجَبَ أَنْ يُحْكَمَ بِصِحَّتِهَا قِيَاسًا عَلَى مَنَاكِحِ الْمُسْلِمِينَ .
فَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ اسْتِدْلَالِهِمْ بِالْخَبَرِ فَمَعْنَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=923972اسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ أَيْ بِإِبَاحَةِ اللَّهِ ، وَقَدْ أَبَاحَ اللَّهُ تَعَالَى مَنَاكِحَهُمْ بِإِقْرَارِهِمْ عَلَيْهَا .
[ ص: 302 ] وَأَمَّا قَوْلُهُمْ أَنَّهُمْ يَرَوْنَ مِنَ الْمَنَاكِحِ بَيْنَهُمْ مَا لَا نَرَاهُ فَهُوَ مَعْفُوٌّ عَنْهُ : لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ كَانَ يَعْرِفُ اخْتِلَافَ آبَائِهِمْ فِيهِ ، فَلَمْ يَكْشِفْ عَنْهُ .
وَأَمَّا اسْتِدْلَالُهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=38يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ [ الْأَنْفَالِ : 38 ] . فَيَعْنِي مِنَ الْآثَامِ دُونَ الْأَحْكَامِ ، وَأَمَّا الظِّهَارُ فَبِالْفَسْخِ أَبْطَلَ حُكْمَهُ ، وَحُكْمُهُ بِالطَّلَاقِ مُقَرٌّ .