الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا تقرر ما وصفنا أن نكاح المحرم باطل ، فمتى كان الزوج محرما ، فوكل حلالا في العقد كان النكاح باطلا : لأنه نكاح لمحرم ، ولو كان الزوج حلالا فوكل محرما كان النكاح باطلا : لأنه نكاح عقده محرم ، وهكذا لو كان الولي محرما ، فوكل حلالا أو كان حلالا فوكل محرما ، كان النكاح باطلا .

                                                                                                                                            فأما الحاكم إذا كان محرما لم يجز له أن يزوج مسلمة . وهل يجوز له أن يزوج كافرة أم لا ؟ على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : لا يجوز كالمسلمة .

                                                                                                                                            والثاني : لا يجوز : لأنه لا يزوجها بولاية ، وإنما يزوجها لحكم فجرى مجرى سائر أحكامه في إحرامه .

                                                                                                                                            [ ص: 337 ] فأما إذا كان الإمام محرما لم يجز له أن يتزوج ، ولا يزوج . وهل يجوز لخلفائه من القضاة المحلين أن يزوجوا أم لا ؟ على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : لا يجوز أن يزوجوا ، كوكلاء المحرم .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : يجوز أن يزوجوا : لعموم ولاياتهم ونفوذ أحكامهم ، فخالفوا الوكلاء ، فأما إن كان الخطيب في عقد فالنكاح جائز : لأنه قد يجوز أن يعقد بغير خطبة ، ولو كان الشهود محرمين ، ففيه وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما - وهو قول أبي سعيد الإصطخري - : أن النكاح باطل : لأن الشهود شرط في العقد كالولي .

                                                                                                                                            والوجه الثاني - وهو مذهب الشافعي - : أن النكاح جائز : لأن الشهود غير معنيين في النكاح ، فلم يعتبر فيهم شروط من يتعين في النكاح ، ألا ترى أن نكاح الكافرة إذا عقدناه لم يصح إلا بولي كافر وشهود مسلمين ، والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية