فصل :
nindex.php?page=treesubj&link=11179القول في عقد النكاح إذا لم يسم فيه الصداق
فإذا تقرر أن الصداق في عقد النكاح واجب فإن تزوجها على غير صداق سمياه في العقد ، صح العقد وإن كرهنا ترك التسمية فيه .
وإنما صح العقد : لقول الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=236nindex.php?page=treesubj&link=28973لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره [ البقرة : 236 ] .
وفي معنى الآية قولان :
أحدهما : معناها
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=236لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ، فتكون أو بمعنى لم .
والقول الثاني : أن في الكلام محذوفا وتقديره : فرضتم لهن فريضة ، أو لم تفرضوا لهن فريضة . والمراد بالفريضة هنا الصداق ، وسماه فريضة : لأنه قد أوجبه لها ، وأصل الفرض الوجوب ، كما يقال : فرض السلطان لفلان الفيء أي أوجب ذلك له ، وكما قال الشاعر :
كانت فريضة ما أتيت كما كان الزنا فريضة الرجم
فموضع الدليل من هذه الآية : أن الله تعالى قد أثبت النكاح مع ترك الصداق ، وجوز فيه الطلاق ، وحكم لها بالمتعة إن طلقت قبل الدخول ، وبين أن الأولى لمن كره امرأة أن يطلقها قبل الدخول : لقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=236لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن [ البقرة : 236 ] فكان ذلك أولى طلاقي الكاره .
وروى
سعيد عن
قتادة عن
شهر بن حوشب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
إن الله عز وجل لا يحب الذواقات . يعني الفراق بعد الذوق .
ويدل على ذلك أيضا
nindex.php?page=hadith&LINKID=924037أن بروع بنت واشق تزوجت بغير مهر فحكم لها رسول الله صلى الله عليه وسلم بمهر نسائها والميراث .
[ ص: 394 ] وروي
nindex.php?page=hadith&LINKID=924038أن أبا طلحة الأنصاري تزوج أم سليم على غير مهر ، فأمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم نكاحه .
ولأن المقصود من عقد النكاح التواصل والألفة ، والصداق فيه تبع لمقصوده ، فخالف عقود المعاوضات من وجهين :
أحدهما : أن رؤية المنكوحة ليست شرطا فيه .
والثاني : أن ترك العوض فيه لا يفسده .
فأما كراهتنا لترك
nindex.php?page=treesubj&link=11158الصداق في العقد ، وإن كان جائزا ، فلثلاثة أمور :
أحدها : لئلا يتشبه بالموهوبة التي تختص برسول الله صلى الله عليه وسلم دون غيره من أمته .
والثاني : لما فيه من قطع المشاجرة والتنازع إلى الحكام .
والثالث : ليكون ملحقا بسائر العقود التي تستحق فيها المعاوضات ، والله أعلم .
فَصْلٌ :
nindex.php?page=treesubj&link=11179الْقَوْلُ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ إِذَا لَمْ يُسَمَّ فِيهِ الصَّدَاقُ
فَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّ الصَّدَاقَ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ وَاجِبٌ فَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى غَيْرِ صَدَاقٍ سَمَّيَاهُ فِي الْعَقْدِ ، صَحَّ الْعَقْدُ وَإِنْ كَرِهْنَا تَرَكَ التَّسْمِيَةِ فِيهِ .
وَإِنَّمَا صَحَّ الْعَقْدُ : لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=236nindex.php?page=treesubj&link=28973لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ [ الْبَقَرَةِ : 236 ] .
وَفِي مَعْنَى الْآيَةِ قَوْلَانِ :
أَحَدُهُمَا : مَعْنَاهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=236لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً ، فَتَكُونُ أَوْ بِمَعْنَى لَمْ .
وَالْقَوْلُ الثَّانِي : أَنَّ فِي الْكَلَامِ مَحْذُوفًا وَتَقْدِيرُهُ : فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً ، أَوْ لَمْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً . وَالْمُرَادُ بِالْفَرِيضَةِ هُنَا الصَّدَاقُ ، وَسَمَّاهُ فَرِيضَةً : لِأَنَّهُ قَدْ أَوْجَبَهُ لَهَا ، وَأَصْلُ الْفَرْضِ الْوُجُوبُ ، كَمَا يُقَالُ : فَرَضَ السُّلْطَانُ لِفُلَانٍ الْفَيْءَ أَيْ أَوْجَبَ ذَلِكَ لَهُ ، وَكَمَا قَالَ الشَّاعِرُ :
كَانَتْ فَرِيضَةً مَا أَتَيْتَ كَمَا كَانَ الزِّنَا فَرِيضَةَ الرَّجْمِ
فَمَوْضِعُ الدَّلِيلِ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ : أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَثْبَتَ النِّكَاحَ مَعَ تَرْكِ الصَّدَاقِ ، وَجَوَّزَ فِيهِ الطَّلَاقَ ، وَحَكَمَ لَهَا بِالْمُتْعَةِ إِنْ طُلِّقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ ، وَبَيَّنَ أَنَّ الْأَوْلَى لِمَنْ كَرِهَ امْرَأَةً أَنْ يُطَلِّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ : لِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=236لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ [ الْبَقَرَةِ : 236 ] فَكَانَ ذَلِكَ أَوْلَى طَلَاقَيِ الْكَارِهِ .
وَرَوَى
سَعِيدٌ عَنْ
قَتَادَةَ عَنْ
شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :
إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يُحِبُّ الذَّوَّاقَاتِ . يَعْنِي الْفِرَاقَ بَعْدَ الذَّوْقِ .
وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا
nindex.php?page=hadith&LINKID=924037أَنَّ بِرْوَعَ بِنْتَ وَاشِقٍ تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِ مَهْرٍ فَحَكَمَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَهْرِ نِسَائِهَا وَالْمِيرَاثِ .
[ ص: 394 ] وَرُوِيَ
nindex.php?page=hadith&LINKID=924038أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيَّ تَزَوَّجَ أَمَّ سُلَيْمٍ عَلَى غَيْرِ مَهْرٍ ، فَأَمْضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِكَاحَهُ .
وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ عَقْدِ النِّكَاحِ التَّوَاصُلُ وَالْأُلْفَةُ ، وَالصَّدَاقُ فِيهِ تَبَعٌ لِمَقْصُودِهِ ، فَخَالَفَ عُقُودَ الْمُعَاوَضَاتِ مِنْ وَجْهَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : أَنَّ رُؤْيَةَ الْمَنْكُوحَةِ لَيْسَتْ شَرْطًا فِيهِ .
وَالثَّانِي : أَنَّ تَرْكَ الْعِوَضِ فِيهِ لَا يُفْسِدُهُ .
فَأَمَّا كَرَاهَتُنَا لِتَرْكِ
nindex.php?page=treesubj&link=11158الصَّدَاقِ فِي الْعَقْدِ ، وَإِنْ كَانَ جَائِزًا ، فَلِثَلَاثَةِ أُمُورٍ :
أَحَدُهَا : لِئَلَّا يَتَشَبَّهُ بِالْمَوْهُوبَةِ الَّتِي تَخْتَصُّ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ أُمَّتِهِ .
وَالثَّانِي : لِمَا فِيهِ مِنْ قَطْعِ الْمُشَاجَرَةِ وَالتَّنَازُعِ إِلَى الْحُكَّامِ .
وَالثَّالِثُ : لِيَكُونَ مُلْحَقًا بِسَائِرِ الْعُقُودِ الَّتِي تُسْتَحَقُّ فِيهَا الْمُعَاوَضَاتُ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .