فصل : [ القول في صفة التعليم ]  
فأما  صفة التعليم   ، فعليه أن يعلمها السورة آية بعد آية ، حتى إذا حفظت الآية عدل بها إلى ما بعدها حتى تختم السورة .  
وليس عليه إذا حفظت السورة أن يدرسها إياها ؛ لأن التدريس من شروط الحفظ لا من شروط التعليم . فلو شرطت عليه حفظ القرآن لم يجز ؛ لأن حفظه إلى الله تعالى لا إليه .  
وإذا كان كذلك ، فلها أربعة أحوال :  
أحدها : أن يعلمها ، فتحفظ ما علمها بأيسر تعليم وأسهله ، فهو المقصود وقد وفى ما عليه .  
والثاني : أن يعلمها ، فتتعلم في الحال ، ثم تنسى ما تعلمته ، فهذا على ثلاثة أقسام :  
أحدها : أن تتعلم جميع السورة ثم تنساها ، فقد استقر التسليم ووفى ما عليه من التعليم ، فلا يلزمه أن يعلمها ثانية .  
والقسم الثاني : أن يلقنها منه يسيرا لا يختص بالإعجاز كبعض آية ، فالتسليم لم يستقر ، وعليه أن يعلمها .  
والقسم الثالث : أن يعلمها قدر ما يتعلق به الإعجاز ، ففيه وجهان :  
أحدهما : أنه تسليم مستقر ؛ لجواز أن يكون هذا القدر بانفراده مهرا ، فعلى هذا لا يلزمه تعليمها ثانية .  
والوجه الثاني : أنه تسليم غير مستقر ؛ لأنه بعض جملة غير متميزة ، فعلى هذا يلزمه تعليمها ثانية .  
والحال الثالث : أن يعلمها فتكون بليدة ، قليلة الذهن ، لا تتعلم إلا بمشقة وعناء ، فهذا عيب يكون الزوج فيه مخيرا بين المقام عليه وبين أن يفسخ فيعدل إلى بدله ، وفي بدله قولان :  
أحدهما - وهو القديم - : أجرة مثل التعليم .  
والقول الثاني - وهو الجديد - : عليه مهر المثل . وسنذكر توجيه القولين من بعد .  
والحالة الرابعة :  أن تكون ممن لا تقدر على تعليم القرآن بحال   ففي الصداق وجهان :  
 [ ص: 408 ] أحدهما : باطل ؛ لتعذره وإعوازه ، وفيما تستحقه قولان على ما مضى .  
والوجه الثاني : جائز ، وتأتي بغيرها حتى يعلمه ؛ لأن من له حق إذا عجز عن استيفائه بنفسه استوفاه بغيره ، ولا خيار لها ؛ لأن العيب من جهتها .  
وهل للزوج الخيار أم لا على وجهين :  
أحدهما : لا خيار له ؛ لأنه تعليم قد استحقته لنفسها فجاز أن تستوفيه بغيرها ، كسائر الحقوق .  
والوجه الثاني : له الخيار في المقام أو الفسخ ؛ لأنه يستلذ من تعليمها ما لا يجوز أن يستلذ من تعليم غيرها ، فإن فسخ ففيما يلزمه قولان :  
أحدهما : أجرة مثل التعليم .  
والثاني : مهر المثل .  
فلو  أرادت - وهي قادرة على تعليم القرآن - أن تأتيه بغيرها ليعلمها بدلا منها   ، فإن راضاها الزوج على ذلك جاز ، وإن امتنع ففي إجباره على ذلك وجهان ، وتعليلهما ما ذكرنا .  
ولو لم يعلمها القرآن حتى تعلمته من غيره   ، فقد فات أن تستوفيه بنفسها ، فيكون على ما ذكرنا من الوجهين :  
أحدهما : تأتيه بغيرها حتى يعلمها القرآن .  
والوجه الثاني : قد بطل الصداق ، وفيما تستحقه عليه قولان :  
أحدهما : أجرة مثل التعليم .  
والثاني : مهر المثل .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					