الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ القول في صداق السر والعلانية ]

                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : " وإذا شاهد الزوج الولي والمرأة أن المهر كذا ، ويعلن أكثر منه ، فاختلف قوله في ذلك ، فقال في موضع السر ، وقال في غيره العلانية ، وهذا أولى عندي ؛ لأنه إنما ينظر إلى العقود وما قبلها وعد .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وصورتها أن ينكح امرأة في السر على صداق قليل ، ثم ينكحها في العلانية على صداق كثير .

                                                                                                                                            فقد حكى المزني عن الشافعي أنه قال في موضع : إن الصداق صداق السر ، وقال في موضع آخر : إن الصداق صداق العلانية ، فكان المزني وطائفة من أصحابنا يخرجون اختلاف نصه في الموضعين على اختلاف قولين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن الصداق صداق السر ؛ لتقدمه .

                                                                                                                                            والثاني - وهو اختيار المزني - : أن الصداق صداق العلانية ، لتعلق الحكم بظاهره .

                                                                                                                                            وامتنع سائر أصحابنا من تخريج ذلك على قولين ، وجعلوه محمولا على اختلاف حالين .

                                                                                                                                            فالموضع الذي جعل الصداق فيه صداق السر دون العلانية ، إذا عقداه سرا بولي وشاهدين ، ثم أعلناه تجملا بالزيادة وإشاعة للعقد ؛ لأن النكاح هو الأول المعقود سرا ، والثاني لا حكم له .

                                                                                                                                            والموضع الذي جعل الصداق فيه صداق العلانية إذا تواعدا سرا ، وأتماه سرا بغير ولي وشاهدين ، ثم عقداه علانية بولي وشاهدين : لأن الأول موعد ، والثاني هو العقد فلزم ما تضمنه العقد دون الوعد .

                                                                                                                                            وهذا أصح من تخريج ذلك على قولين .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية