الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وما قدر المتعة ؟ فهي إلى رأي الحاكم واجتهاده ، غير أن الشافعي استحسن في موضع من القديم أن يكون بقدر خادم ، وحكاه عن ابن عباس ، واستحسن فيما نقله المزني في هذا الموضع أن يكون بقدر ثلاثين درهما ، وحكاه عن ابن عمر ، وليس فيما ذكره تقدير لا تجوز الزيادة عليه ، ولا النقصان منه ؛ لاختلافه باختلاف العادات في أجناس الناس وبلدانهم ، كالمهر الذي لا ينحصر بقدر ، وما وجب ولم ينحصر بمقدار شرعي كان تقديره معتبرا باجتهاد الحاكم .

                                                                                                                                            وقال أبو حنيفة : هي مقدرة بنصف مهر المثل ، ولا يجوز أن يكون أقل من خمسة دراهم ؛ لأنه نصف أقل ما يكون مهرا عنده .

                                                                                                                                            وهذا فاسد ؛ لأن التحديد بنصف المهر إن لم يوجد شرعا ، فليس في الاجتهاد ما يقتضيه ، ولا نجعله بالنصف أخص منه بالثلث أو الربع ، فإن قيل : لأن غير المدخول بها تستحق نصف الصداق .

                                                                                                                                            قلنا : فقد أوجبت الصداق وأسقطت المتعة .

                                                                                                                                            وفي إجماعنا على إيجاب المتعة وإسقاط الصداق دليل على الفرقة بين المتعة والصداق .

                                                                                                                                            وليس ما استحسنه الشافعي من قدر ثلاثين درهما قولا بالاستحسان الذي ذهب إليه أبو حنيفة ، ومنع منه الشافعي ؛ لأنه قرنه بدليل ، وهو يمنع من استحسان بغير دليل .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية