فصل : وأما
nindex.php?page=treesubj&link=11192المفوضة التي فرض لها مهر ، وذلك قد يكون بأحد وجهين :
إما بأن يتراضى الزوجان بفرضه وتقديره ، على ما سنذكره .
وإما بأن يفرضه الحاكم ، فيصير بالفرض بعد التفويض كالمسمى في العقد ، فإن
nindex.php?page=treesubj&link=11192_11231طلقها قبل الدخول فلها نصف المفروض دون المتعة .
وقال
أبو حنيفة : يبطل المفروض بالطلاق قبل الدخول ، ويثبت حكم التفويض في وجوب المتعة كالتي لم يفرض لها مهر ، بناء على أصله في أن المفوضة وجب لها بالعقد مهر وسقط بالطلاق ، واستدلالا : بأنه نكاح خلا عن ذكر مهر فوجب أن يستحق فيه بالطلاق قبل الدخول المتعة ، قياسا على غير المفروض لها مهر .
ودليلنا قول الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=237وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم [ البقرة : 237 ] . فكان قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=237وقد فرضتم لهن فريضة على عموم الحالين فيما فرض في العقد أو بعد العقد ، وإن كان بالمفروض بعد العقد أشبه ، فجعل الله تعالى له استرجاع نصفه .
وأبو حنيفة يوجب استرجاع جميعه ، فكان قوله مدفوعا بالنص .
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
أدوا العلائق ، قيل : وما العلائق ؟ قال : ما تراضى به الأهلون ، فكان على عموم التراضي في حال العقد وبعده .
ومن طريق القياس : أنه فرض يستقر بالدخول فوجب ألا يسقط بالطلاق قبل الدخول كالمسمى في العقد ، ولأن هذا المفروض بمنزلة المسمى في استقراره بالموت ، فوجب أن يكون بمنزلته في الطلاق قبل الدخول .
فأما بناء
أبي حنيفة ذلك على أصله فمخالف فيه .
وأما قياسه : فالمعنى في المفوضة أنه لا يجب بالموت مفروض ، وتستحق المطالبة
[ ص: 479 ] بفرض المهر ، وهذه يجب لها المفروض بالموت ، ولا تستحق المطالبة بالفرض ، فصار كالمسمى ، والله أعلم .
فَصْلٌ : وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=11192الْمُفَوَّضَةُ الَّتِي فُرِضَ لَهَا مَهْرٌ ، وَذَلِكَ قَدْ يَكُونُ بِأَحَدِ وَجْهَيْنِ :
إِمَّا بِأَنْ يَتَرَاضَى الزَّوْجَانِ بِفَرْضِهِ وَتَقْدِيرِهِ ، عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ .
وَإِمَّا بِأَنْ يَفْرِضَهُ الْحَاكِمُ ، فَيَصِيرُ بِالْفَرْضِ بَعْدَ التَّفْوِيضِ كَالْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ ، فَإِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=11192_11231طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَهَا نِصْفُ الْمَفْرُوضِ دُونَ الْمُتْعَةِ .
وَقَالَ
أَبُو حَنِيفَةَ : يَبْطُلُ الْمَفْرُوضُ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ ، وَيَثْبُتُ حُكْمُ التَّفْوِيضِ فِي وُجُوبِ الْمُتْعَةِ كَالَّتِي لَمْ يُفْرَضْ لَهَا مَهْرٌ ، بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِ فِي أَنَّ الْمُفَوَّضَةَ وَجَبَ لَهَا بِالْعَقْدِ مَهْرٌ وَسَقَطَ بِالطَّلَاقِ ، وَاسْتِدْلَالًا : بِأَنَّهُ نِكَاحٌ خَلَا عَنْ ذِكْرِ مَهْرٍ فَوَجَبَ أَنْ يُسْتَحَقَّ فِيهِ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ الْمُتْعَةُ ، قِيَاسًا عَلَى غَيْرِ الْمَفْرُوضِ لَهَا مَهْرٌ .
وَدَلِيلُنَا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=237وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ [ الْبَقَرَةِ : 237 ] . فَكَانَ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=237وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً عَلَى عُمُومِ الْحَالَيْنِ فِيمَا فَرَضَ فِي الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَ الْعَقْدِ ، وَإِنْ كَانَ بِالْمَفْرُوضِ بَعْدَ الْعَقْدِ أَشْبَهَ ، فَجَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ اسْتِرْجَاعَ نِصْفِهِ .
وَأَبُو حَنِيفَةَ يُوجِبُ اسْتِرْجَاعَ جَمِيعِهِ ، فَكَانَ قَوْلُهُ مَدْفُوعًا بِالنَّصِّ .
وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :
أَدُّوا الْعَلَائِقَ ، قِيلَ : وَمَا الْعَلَائِقُ ؟ قَالَ : مَا تَرَاضَى بِهِ الْأَهْلُونَ ، فَكَانَ عَلَى عُمُومِ التَّرَاضِي فِي حَالِ الْعَقْدِ وَبَعْدَهُ .
وَمِنْ طَرِيقِ الْقِيَاسِ : أَنَّهُ فَرْضٌ يَسْتَقِرُّ بِالدُّخُولِ فَوَجَبَ أَلَّا يَسْقُطَ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ كَالْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ ، وَلِأَنَّ هَذَا الْمَفْرُوضَ بِمَنْزِلَةِ الْمُسَمَّى فِي اسْتِقْرَارِهِ بِالْمَوْتِ ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ بِمَنْزِلَتِهِ فِي الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ .
فَأَمَّا بِنَاءُ
أَبِي حَنِيفَةَ ذَلِكَ عَلَى أَصْلِهِ فَمُخَالِفٌ فِيهِ .
وَأَمَّا قِيَاسُهُ : فَالْمَعْنَى فِي الْمُفَوَّضَةِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ بِالْمَوْتِ مَفْرُوضٌ ، وَتَسْتَحِقُّ الْمُطَالَبَةَ
[ ص: 479 ] بِفَرْضِ الْمَهْرِ ، وَهَذِهِ يَجِبُ لَهَا الْمَفْرُوضُ بِالْمَوْتِ ، وَلَا تَسْتَحِقُّ الْمُطَالَبَةَ بِالْفَرْضِ ، فَصَارَ كَالْمُسَمَّى ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .