[ القول في الصفات المعتبرة في المهور ]
مسألة : قال
الشافعي : " ومهر من هو في مثل سنها ، وعقلها وحمقها ، وجمالها وقبحها ، ويسرها وعسرها ، وأدبها ، وصراحتها ، وبكرا كانت أو ثيبا ؛ لأن المهور بذلك تختلف " .
قال
الماوردي : وهذا صحيح .
وصفات الذات المعتبرة في المهور شرط في الحكم بمهر المثل ، كما تعتبر صفات ما يقوم ،
nindex.php?page=treesubj&link=11177والصفات المعتبرة في مهر المثل عشرة :
أحدها : السن ؛ لاختلاف المهر باختلافه ؛ لأن الصغيرة أرجى للولد ، وألذ في الاستمتاع من الكبيرة .
والثاني : عقلها وحمقها ، فإن للعاقلة مهرا ، وللرعناء والحمقاء دونه ؛ لكثرة الرغبة في العاقلة ، وقلة الرغبة في الحمقاء . وحكي عن
قتادة ، في قول الله تعالى :
[ ص: 489 ] nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=2ليبلوكم أيكم أحسن عملا أي أيكم أتم عقلا .
وروى
كليب بن وائل عن
عبد الله بن عمر :
أن النبي صلى الله عليه وسلم تلا : nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=2أيكم أحسن عملا ، ثم قال : أيكم أحسن عقلا ، وأردع عن محارم الله ، وأسرع في طاعة الله تعالى .
والثالث : جمالها وقبحها ، فإن مهر الجميلة أكثر من مهر القبيحة . وقد روى
سعيد بن أبي سعيد عن أبيه عن
أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924058ينكح النساء لأربع : لمالها ، ولحسبها ، ولجمالها ، ولدينها ، فعليك بذات الدين تربت يداك .
والرابع : يسارها وإعسارها ؛ لأن ذا المال مطلوب ومخطوب ، فيكثر مهر الموسرة ؛ بكثرة طالبها ، ويقل مهر المعسرة ؛ لقلة خاطبها . وقد قال
ابن عباس وقتادة في قول الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=100&ayano=8وإنه لحب الخير لشديد [ العاديات : 8 ] ، يعني المال .
وروى
مجالد عن
الشعبي عن
ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
من تزوج ذات جمال ومال فقد أصاب سدادا من عوز " .
والخامس : إسلامها وكفرها ؛ لقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=221ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم [ البقرة : 221 ] .
والسادس : عفتها وفجورها ؛ لأن الرغبة في العفيفة أكثر ، ومهرها لكثرة الراغب فيها أكثر . وقد قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=3الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك [ النور : 3 ] .
والسابع : حريتها ورقها ؛ لنقصان الأمة عن أحكام الحرة ، وإن كان نكاحها لا يحل لكل حر .
والثامن : بكارتها وثيوبتها ؛ لأن الرغبة في البكر أكثر منها في الثيب ، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924059عليكم بالأبكار ؛ فإنهن أعذب أفواها ، وأنتق أرحاما ، وأغر غرة ، وأرضى باليسير .
ومعنى قوله : " أنتق أرحاما " ، أي : أكثر أولادا .
وفي قوله : " وأغر غرة " روايتان :
أحدهما : غرة بكسر الغين ، يريد أنهن أبعد من معرفة الشر ، وأقل فطنة له .
والرواية الثانية : وأغر غرة ، بضم الغين ، وفيه تأويلان :
أحدهما : أنه أراد غرة البياض ؛ لأن الأغير وطول التعبيس يجيلان اللون ، ويبليان الجسد .
والثاني : أنه أراد حسن الخلق وحسن العشرة .
[ ص: 490 ] وقال
معاذ بن جبل : "
عليكم بالأبكار ؛ فإنهن أكثر حبا وأقل خبا " .
والتاسع : أدبها وبذاؤها ؛ لأن الأديبة مرغوب فيها ، والبذيئة مهروب منها ، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال :
البذاء لؤم وصحبة الأحمق شؤم .
والعاشر : قول
الشافعي : وصراحتها ، فاختلف أصحابنا في معناه فقال بعضهم :
يريد فصاحتها ؛ لأن لفصاحة المنطق حظا من الاستمتاع .
وقال الأكثرون : بل أراد به صراحة النسب المقصود في المناكح .
والصريح النسب : الذي أبواه عربيان .
والهجين : الذي أبوه عربي وأمه أمة .
والمذرع : فيه تأويلان :
أحدهما : الذي أمه عربية وأبوه عبد .
والثاني : أنه الذي أمه أشرف نسبا من أبيه .
قال الشاعر :
إن المذرع لا تغني خئولته كالبغل يعجز عن شوط المحاضير
والفلنقس فيه تأويلان :
أحدهما : أنه الذي أبوه مولى ، وأمه عربية .
والثاني : أنه الذي أبواه عربيان ، وجدتاه من قبل أبويه أمتان .
فهذه عشرة أوصاف تعتبر في مهر مثلها ، لاختلاف المهر بها ، وقد ذكر
الشافعي منها سبعة ، وأغفل ثلاثة وهي :
nindex.php?page=treesubj&link=11177الدين والعفة والحرية ؛ اكتفاء بما ذكره منها في اعتبار الكفاءة .
وقد نص النبي صلى الله عليه وسلم على بعضها ، ونبه على باقيها بقوله عليه السلام : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=924061تنكح المرأة لدينها ، وجمالها ، ومالها ، وميسمها - وروي ووسامتها - فعليك بذات الدين تربت يداك " .
وفيها ثلاثة تأويلات :
أحدها : معناه : افتقرت يداك ، إن لم تظفر بذات الدين ، يقال : ترب الرجل إذا افتقر ، وأترب إذا استغنى .
[ ص: 491 ] والثاني : أن معناه استغنت يداك إن ظفرت بذات الدين ، ويكون تربت من أسماء الأضداد بمعنى الغنى والفقر رآه في قدر تلك الصفة ، وقسطها من تلك المهور ، فزادها إن كانت الصفة زائدة ، أو نقصها إن كانت الصفة ناقصة ؛ لأنه قل ما يتساوى صفاتها ، وصفات جميع نساء عصبتها فلم يجد بدا من اعتبار ما اختلفن فيه بما ذكرنا ، والله أعلم .
والثالث : أنها كلمة تقال على ألسنة العرب ، لا يراد بها حمد ولا ذم ، كما يقال ما أشجعه ، قاتله الله ، وكالذي حكاه الله تعالى عن
سارة زوجة إبراهيم حين بشرت بالولد
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=72قالت ياويلتى أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا [ هود : 72 ] ، وهي لا تدعو بالويل عند البشرى ، ولكن كلمة مألوفة للنساء عند سماع ما يعجل من فرح أو حزن ، فإذا وجدت أوصافها التي يختلف بها المهر من يسار عصبتها ، وكانت مهورهن مقدرة صار مهر مثلها ذلك القدر ، فإن خالفتهن في إحدى الصفات أشهد الحاكم .
[ الْقَوْلُ فِي الصِّفَاتِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي الْمُهُورِ ]
مَسْأَلَةٌ : قَالَ
الشَّافِعِيُّ : " وَمَهْرُ مَنْ هُوَ فِي مِثْلِ سِنِّهَا ، وَعَقْلِهَا وَحُمْقِهَا ، وَجَمَالِهَا وَقُبْحِهَا ، وَيُسْرِهَا وَعُسْرِهَا ، وَأَدَبِهَا ، وَصَرَاحَتِهَا ، وَبِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا ؛ لِأَنَّ الْمُهُورَ بِذَلِكَ تَخْتَلِفُ " .
قَالَ
الْمَاوَرْدِيُّ : وَهَذَا صَحِيحٌ .
وَصِفَاتُ الذَّاتِ الْمُعْتَبَرَةُ فِي الْمُهُورِ شَرْطٌ فِي الْحُكْمِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ ، كَمَا تُعْتَبَرُ صِفَاتُ مَا يُقَوَّمُ ،
nindex.php?page=treesubj&link=11177وَالصِّفَاتُ الْمُعْتَبَرَةُ فِي مَهْرِ الْمِثْلِ عَشْرَةٌ :
أَحَدُهَا : السِّنُّ ؛ لِاخْتِلَافِ الْمَهْرِ بِاخْتِلَافِهِ ؛ لِأَنَّ الصَّغِيرَةَ أَرْجَى لِلْوَلَدِ ، وَأَلَذُّ فِي الِاسْتِمْتَاعِ مِنَ الْكَبِيرَةِ .
وَالثَّانِي : عَقْلُهَا وَحُمْقُهَا ، فَإِنَّ لِلْعَاقِلَةِ مَهْرًا ، وَلِلرَّعْنَاءِ وَالْحَمْقَاءِ دُونَهُ ؛ لِكَثْرَةِ الرَّغْبَةِ فِي الْعَاقِلَةِ ، وَقِلَّةِ الرَّغْبَةِ فِي الْحَمْقَاءِ . وَحُكِيَ عَنْ
قَتَادَةَ ، فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى :
[ ص: 489 ] nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=2لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا أَيْ أَيُّكُمْ أَتَمُّ عَقْلًا .
وَرَوَى
كُلَيْبُ بْنُ وَائِلٍ عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ :
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَلَا : nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=2أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ، ثُمَّ قَالَ : أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَقْلًا ، وَأَرْدَعُ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ ، وَأَسْرَعُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى .
وَالثَّالِثُ : جَمَالُهَا وَقُبْحُهَا ، فَإِنَّ مَهْرَ الْجَمِيلَةِ أَكْثَرُ مِنْ مَهْرِ الْقَبِيحَةِ . وَقَدْ رَوَى
سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924058يُنْكَحُ النِّسَاءُ لِأَرْبَعٍ : لِمَالِهَا ، وَلِحَسَبِهَا ، وَلِجَمَالِهَا ، وَلِدِينِهَا ، فَعَلَيْكَ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ .
وَالرَّابِعُ : يَسَارُهَا وَإِعْسَارُهَا ؛ لِأَنَّ ذَا الْمَالِ مَطْلُوبٌ وَمَخْطُوبٌ ، فَيَكْثُرُ مَهْرُ الْمُوسِرَةِ ؛ بِكَثْرَةِ طَالِبِهَا ، وَيَقِلُّ مَهْرُ الْمُعْسِرَةِ ؛ لِقِلَّةِ خَاطِبِهَا . وَقَدْ قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةُ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=100&ayano=8وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ [ الْعَادِيَاتِ : 8 ] ، يَعْنِي الْمَالَ .
وَرَوَى
مُجَالِدٌ عَنِ
الشَّعْبِيِّ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "
مَنْ تَزَوَّجَ ذَاتَ جَمَالٍ وَمَالٍ فَقَدْ أَصَابَ سِدَادًا مِنْ عَوَزٍ " .
وَالْخَامِسُ : إِسْلَامُهَا وَكُفْرُهَا ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=221وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ [ الْبَقَرَةِ : 221 ] .
وَالسَّادِسُ : عِفَّتُهَا وَفُجُورُهَا ؛ لِأَنَّ الرَّغْبَةَ فِي الْعَفِيفَةِ أَكْثَرُ ، وَمَهْرُهَا لِكَثْرَةِ الرَّاغِبِ فِيهَا أَكْثَرُ . وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=3الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ [ النُّورِ : 3 ] .
وَالسَّابِعُ : حُرِّيَّتُهَا وَرِقُّهَا ؛ لِنُقْصَانِ الْأَمَةِ عَنْ أَحْكَامِ الْحُرَّةِ ، وَإِنْ كَانَ نِكَاحُهَا لَا يَحِلُّ لِكُلِّ حُرٍّ .
وَالثَّامِنُ : بَكَارَتُهَا وَثُيُوبَتُهَا ؛ لِأَنَّ الرَّغْبَةَ فِي الْبِكْرِ أَكْثَرُ مِنْهَا فِي الثَّيِّبِ ، وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّهُ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924059عَلَيْكُمْ بِالْأَبْكَارِ ؛ فَإِنَّهُنَّ أَعْذَبُ أَفْوَاهًا ، وَأَنْتَقُ أَرْحَامًا ، وَأَغَرُّ غُرَّةً ، وَأَرْضَى بِالْيَسِيرِ .
وَمَعْنَى قَوْلِهِ : " أَنْتَقُ أَرْحَامًا " ، أَيْ : أَكْثَرُ أَوْلَادًا .
وَفِي قَوْلِهِ : " وَأَغَرُّ غُرَّةً " رِوَايَتَانِ :
أَحَدُهُمَا : غِرَّةٌ بِكَسْرِ الْغَيْنِ ، يُرِيدُ أَنَّهُنَّ أَبْعَدُ مِنْ مَعْرِفَةِ الشَّرِّ ، وَأَقَلُّ فِطْنَةً لَهُ .
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ : وَأَغَرُّ غُرَّةً ، بِضَمِّ الْغَيْنِ ، وَفِيهِ تَأْوِيلَانِ :
أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ أَرَادَ غُرَّةَ الْبَيَاضِ ؛ لِأَنَّ الْأَغْيَرَ وَطُولَ التَّعْبِيسِ يُجِيلَانِ اللَّوْنَ ، وَيُبْلِيَانِ الْجَسَدَ .
وَالثَّانِي : أَنَّهُ أَرَادَ حُسْنَ الْخُلُقِ وَحُسْنَ الْعِشْرَةِ .
[ ص: 490 ] وَقَالَ
مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ : "
عَلَيْكُمْ بِالْأَبْكَارِ ؛ فَإِنَّهُنَّ أَكْثَرُ حُبًّا وَأَقَلُّ خِبًّا " .
وَالتَّاسِعُ : أَدَبُهَا وَبَذَاؤُهَا ؛ لِأَنَّ الْأَدِيبَةَ مَرْغُوبٌ فِيهَا ، وَالْبَذِيئَةَ مَهْرُوبٌ مِنْهَا ، وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّهُ قَالَ :
الْبَذَاءُ لُؤْمٌ وَصُحْبَةُ الْأَحْمَقِ شُؤْمٌ .
وَالْعَاشِرُ : قَوْلُ
الشَّافِعِيِّ : وَصَرَاحَتُهَا ، فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي مَعْنَاهُ فَقَالَ بَعْضُهُمْ :
يُرِيدُ فَصَاحَتَهَا ؛ لِأَنَّ لِفَصَاحَةِ الْمَنْطِقِ حَظًّا مِنَ الِاسْتِمْتَاعِ .
وَقَالَ الْأَكْثَرُونَ : بَلْ أَرَادَ بِهِ صَرَاحَةَ النَّسَبِ الْمَقْصُودِ فِي الْمَنَاكِحِ .
وَالصَّرِيحُ النَّسَبُ : الَّذِي أَبَوَاهُ عَرَبِيَّانِ .
وَالْهَجِينُ : الَّذِي أَبُوهُ عَرَبِيٌّ وَأُمُّهُ أَمَةٌ .
وَالْمُذَرَّعُ : فِيهِ تَأْوِيلَانِ :
أَحَدُهُمَا : الَّذِي أُمُّهُ عَرَبِيَّةٌ وَأَبُوهُ عَبْدٌ .
وَالثَّانِي : أَنَّهُ الَّذِي أُمُّهُ أَشْرَفُ نَسَبًا مِنْ أَبِيهِ .
قَالَ الشَّاعِرُ :
إِنَّ الْمُذَرَّعَ لَا تُغْنِي خُئُولَتُهُ كَالْبَغْلِ يَعْجِزُ عَنْ شَوْطِ الْمَحَاضِيرِ
وَالْفَلَنْقَسُ فِيهِ تَأْوِيلَانِ :
أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ الَّذِي أَبُوهُ مَوْلًى ، وَأُمُّهُ عَرَبِيَّةٌ .
وَالثَّانِي : أَنَّهُ الَّذِي أَبَوَاهُ عَرَبِيَّانِ ، وَجَدَّتَاهُ مِنْ قِبَلِ أَبَوَيْهِ أَمَتَانِ .
فَهَذِهِ عَشَرَةُ أَوْصَافٍ تُعْتَبَرُ فِي مَهْرِ مِثْلِهَا ، لِاخْتِلَافِ الْمَهْرِ بِهَا ، وَقَدْ ذَكَرَ
الشَّافِعِيُّ مِنْهَا سَبْعَةً ، وَأَغْفَلَ ثَلَاثَةً وَهِيَ :
nindex.php?page=treesubj&link=11177الدِّينُ وَالْعِفَّةُ وَالْحُرِّيَّةُ ؛ اكْتِفَاءً بِمَا ذَكَرَهُ مِنْهَا فِي اعْتِبَارِ الْكَفَاءَةِ .
وَقَدْ نَصَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى بَعْضِهَا ، وَنَبَّهَ عَلَى بَاقِيهَا بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=924061تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِدِينِهَا ، وَجَمَالِهَا ، وَمَالِهَا ، وَمَيْسَمِهَا - وَرُوِيَ وَوَسَامَتِهَا - فَعَلَيْكَ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ " .
وَفِيهَا ثَلَاثَةُ تَأْوِيلَاتٍ :
أَحَدُهَا : مَعْنَاهُ : افْتَقَرَتْ يَدَاكَ ، إِنْ لَمْ تَظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ ، يُقَالُ : تَرِبَ الرَّجُلُ إِذَا افْتَقَرَ ، وَأَتْرَبَ إِذَا اسْتَغْنَى .
[ ص: 491 ] وَالثَّانِي : أَنَّ مَعْنَاهُ اسْتَغْنَتْ يَدَاكَ إِنْ ظَفِرْتَ بِذَاتِ الدِّينِ ، وَيَكُونُ تَرِبَتْ مِنْ أَسْمَاءِ الْأَضْدَادِ بِمَعْنَى الْغِنَى وَالْفَقْرِ رَآهُ فِي قَدْرِ تِلْكَ الصِّفَةِ ، وَقِسْطِهَا مِنْ تِلْكَ الْمُهُورِ ، فَزَادَهَا إِنْ كَانَتِ الصِّفَةُ زَائِدَةً ، أَوْ نَقَصَهَا إِنْ كَانَتِ الصِّفَةُ نَاقِصَةً ؛ لِأَنَّهُ قَلَّ مَا يَتَسَاوَى صِفَاتُهَا ، وَصِفَاتُ جَمِيعِ نِسَاءِ عَصَبَتِهَا فَلَمْ يَجِدْ بُدًّا مِنِ اعْتِبَارِ مَا اخْتَلَفْنَ فِيهِ بِمَا ذَكَرْنَا ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَالثَّالِثُ : أَنَّهَا كَلِمَةٌ تُقَالُ عَلَى أَلْسِنَةِ الْعَرَبِ ، لَا يُرَادُ بِهَا حَمْدٌ وَلَا ذَمٌّ ، كَمَا يُقَالُ مَا أَشْجَعَهُ ، قَاتَلَهُ اللَّهُ ، وَكَالَّذِي حَكَاهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ
سَارَةَ زَوْجَةِ إِبْرَاهِيمَ حِينَ بُشِّرَتْ بِالْوَلَدِ
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=72قَالَتْ يَاوَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا [ هُودٍ : 72 ] ، وَهِيَ لَا تَدْعُو بِالْوَيْلِ عِنْدَ الْبُشْرَى ، وَلَكِنْ كَلِمَةٌ مَأْلُوفَةٌ لِلنِّسَاءِ عِنْدَ سَمَاعِ مَا يُعَجَّلُ مِنْ فَرَحٍ أَوْ حُزْنٍ ، فَإِذَا وُجِدَتْ أَوْصَافُهَا الَّتِي يَخْتَلِفُ بِهَا الْمَهْرُ مِنْ يَسَارِ عَصَبَتِهَا ، وَكَانَتْ مُهُورُهُنَّ مُقَدَّرَةً صَارَ مَهْرُ مِثْلِهَا ذَلِكَ الْقَدْرَ ، فَإِنْ خَالَفَتْهُنَّ فِي إِحْدَى الصِّفَاتِ أَشْهَدَ الْحَاكِمُ .