الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فأما التقاط النثر ، فقد اختلف أصحابنا في كراهيته ، مع إجماعهم على جوازه ، فلهم فيه وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : أنه مكروه ، قال الشافعي : لأنه قد يأخذ من غيره أحب إلى صاحبه ، فعلى هذا لا يلزمهم التقاط ؛ لأن فعل المكروه لا يلزم .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أنه ليس بمكروه ، إذا كان الملتقط مدعوا ، كما لا يكره أكل طعام الوليمة للمدعو ، وإن جاز أن يأكله من غيره أحب إلى صاحبه ، فعلى هذا لا يجب [ ص: 567 ] الالتقاط على أعيان الحاضرين ؛ لأنه تملك محض ، فجرى مجرى الهبة في وجوبه على الكافة وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : لا يجب تعليلا بالهبة ، فإن تركوه جميعا جاز .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أنه من فروض الكفاية ؛ لما في ترك جميعهم له من ظهور المقاطعة ، وانكسار نفس المالك ، فعلى هذا إذا التقطه بعضهم سقط فرضه عن الباقين ، وكذلك ولو التقط بعض الحاضرين بعض المنثور ، وبقي بعض الحاضرين وبعض المنثور ، سقط عنهم فرض التقاطه ، وإن كان جميعه باقيا خرجوا بتركه أجمعين ، ثم النثر مختص في العرف بالنكاح ، وإن كان مستعملا في غيره كالوليمة في اختصاصها بعرس النكاح وإن استعملت في غيره ، كما أن الأغلب فيه نثر اللوز والسكر ، وإن نثر قوم غير ذلك .

                                                                                                                                            حكي أن أعرابيا تزوج فنثر على نفسه الزبيب لإعواز السكر ، وأنشأ يقول :


                                                                                                                                            ولما رأيت السكر العام قد غلا وأيقنت أني لا محالـة ناكح     صببت على رأسي الزبيب لصحبتي
                                                                                                                                            وقلت كلوا أكل الحلاوة صالح

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية