الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : [ النظر في أحوال أمناء القضاة ] .

                                                                                                                                            والأمانة الرابعة : النظر في أحوال أمناء القضاة فيعتبر فيهم ثلاثة أشياء :

                                                                                                                                            أحدها : ما هم عليه من قوة وأمانة .

                                                                                                                                            والثاني : ما يتصرفون فيه من الولاية على أطفال والنظر في أموال .

                                                                                                                                            والثالث : ما فعلوه فيها من قبل وما يستأنفون من العمل فيها من بعد .

                                                                                                                                            ويبدأ بمن يراه منهم من غير قرعة كالأوصياء .

                                                                                                                                            ولا يخلو حال الأمين فيها من أربعة أحوال :

                                                                                                                                            أحدها : أن يكون عدلا ، وقد فعل ما جاز فيكون على ولايته ونفاذ قوله .

                                                                                                                                            والحال الثانية : أن يكون عدلا وقد فعل ما لم يجز لأنه أتاه على جهالة فيكون على ولايته ويرد ما فعله فإن أمكن استدراكه لم يغرمه ، وإن فات استدراكه غرمه .

                                                                                                                                            والحال الثالثة : أن يكون فاسقا وقد فعل ما جاز فولايته باطلة بفسقه ولا يضمن ما تعين ويضمن ما لم يتعين كالوصي .

                                                                                                                                            والحال الرابعة : أن يكون فاسقا وقد فعل ما لم يجز فولايته باطلة وعمله مردود وعليه غرم ما تصرف فيه .

                                                                                                                                            فإن وجد من أحد الأمناء ضعيفا كان فيه بين خيارين : إما أن يضم إليه قويا من أمنائه وإما أن ينتزعها منه إلى قوي بخلاف الوصي .

                                                                                                                                            وإذا ادعى الأمين الوصي به أنفق على اليتيم مالا أو عمر له عقارا وكان ما ادعاه محتملا قبل قوله فيه فإن اتهمه القاضي أحلفه عليه .

                                                                                                                                            فإن ادعى في مال اليتيم أجرة جعلها له الحاكم قبله فإن أقام بينة أعطاه إذا لم تزد على أجرة مثله .

                                                                                                                                            وإن عدم البينة ففي استحقاقها وجهان من اختلاف الوجهين في صاحب الدابة إذا ركبها ثم ادعى إعارتها ، وادعى المالك إجارتها . أحد الوجهين أن للأمين أجرة مثله . إذا قيل إن لصاحب الدابة أجرتها .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أنه لا أجرة للأمين إذا قيل ليس لصاحب الدابة أجرتها .

                                                                                                                                            [ ص: 42 ] وعلى القاضي بعد تصفح أحوال الأمناء والأوصياء أن يثبت في ديوانه حال كل أمين ووصي فيما بيده من الأموال ومن يلي عليه من الأيتام ليكون حجة للجهتين ، فإن وجد ذكر ذلك في ديوان القاضي الأول عارض به وعمل بأحوطهما .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية