الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : والفصل السادس في حكم النكول .

                                                                                                                                            وهو أن تجب على المنكر اليمين فيمتنع منها ، أو يقول : قد نكلت عنها أو يقول : لست أحلف ، فيصير بجميع ذلك ناكلا فلم يحكم عليه بالنكول وإن خالفنا فيه أبو حنيفة على ما سنذكره من بعد ، وإنما يوجب نكوله رد اليمين على المدعي ليحكم بيمينه ولا يحكم له بنكول خصمه .

                                                                                                                                            وإذا صار المنكر ناكلا ، فإن لم يعرف حكم النكول وجب على القاضي أن يعلمه حكمه ، وأنه يوجب رد اليمين على المدعي ، ليحكم له بيمينه ، وإن عرف حكم النكول استغنى القاضي بمعرفته عن إعلامه ، ولكن يقول له : إن أقمت على امتناعك جعلتك ناكلا .

                                                                                                                                            واختلف أصحابنا بماذا يستقر نكوله ؟ على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : قول أبي العباس بن سريج : يستقر نكوله بإعلامه ولو كان بدفعة واحدة .

                                                                                                                                            [ ص: 317 ] والوجه الثاني : وهو قول أهل العراق : لا يستقر النكول إلا بأن يعرضه عليه ثلاثا هي حد الاستظهار .

                                                                                                                                            واختلف أصحابنا بعد استقرار النكول هل يفتقر إلى حكم القاضي به قبل رد اليمين أم لا ؟ على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : أنه لا يرد اليمين على المدعي إلا بعد أن يقول للمنكر قد حكمت عليك بالنكول لما فيه من الاجتهاد ، فإن ردها عليه قبل حكمه به لم يصح .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : يجوز أن يردها على المدعي وإن لم يقل قد حكمت عليك بالنكول ، لأن ردها عليه حكم بالنكول .

                                                                                                                                            فلو بذل المنكر اليمين بعد الحكم بنكوله ، لم يجز إحلافه لانتقال اليمين إلى المدعي .

                                                                                                                                            فإن حلف المدعي حكم له ، وإن استمهل للنظر في حسابه أمهل .

                                                                                                                                            وإن توقف عن اليمين لغير استمهال ، فقد اختلف أصحابنا في الحكم عليه بالنكول .

                                                                                                                                            في يمين النكول على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : وهو قول أبي سعيد الإصطخري : يحكم عليه بالنكول كما حكم على المنكر بالنكول ، فإن رام أن يحلف بعد الحكم بنكوله لم يجز ، كما لو رامه المنكر .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : وهو أظهر أنه لا يحكم عليه بالنكول ، وإن حكم على المنكر بالنكول .

                                                                                                                                            والفرق بينهما أن نكول المنكر يتعلق به حق لغيره ، ولا يتعلق بنكول المدعي حق لغيره ، ويكون له أن يحلف متى شاء ويستحق .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية