nindex.php?page=treesubj&link=20249_27130شروط من يشاوره القاضي :
مسألة : قال
الشافعي - رضي الله عنه - : ولا يشاور إذا نزل به المشكل إلا عالما بالكتاب والسنة والآثار وأقاويل الناس والقياس ولسان العرب " .
قال
الماوردي : وهذا صحيح وهذه شروط من يشاوره القاضي في الأحكام ومجموعها :
إن
nindex.php?page=treesubj&link=20249_27130كل من صح أن يفتي في الشرع صح أن يشاوره القاضي في الأحكام فتعتبر فيه شروط المفتي ولا تعتبر فيه شروط القاضي .
فيجوز أن يشاور
nindex.php?page=treesubj&link=27130_20249الأعمى والعبد والمرأة وإن لم يجز أن يكون كل واحد منهم قاضيا : لأن كل واحد منهم يجوز أن يستفتى ويفتي .
nindex.php?page=treesubj&link=22326_22323والمعتبر في المفتي شرطان :
أحدهما : العدالة المعتبرة في المخبر دون الشاهد ، لأن الحرية وسلامة البصر يعتبران في الشاهد ولا يعتبران في المفتي والمخبر .
والشرط الثاني : أن يكون من أهل الاجتهاد في النوازل والأحكام .
ويكون من أهل الاجتهاد إذا أحاط علمه بخمسة أصول :
[ ص: 51 ] أحدها : علمه بكتاب الله تعالى في معرفة ناسخه ومنسوخه ومحكمه ومتشابهه ومفسره ومجمله وعمومه وخصوصه ، وإن لم يقم بتلاوته .
والثاني : علمه بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في معرفة أخبار التواتر والآحاد وصحة الطرق والإسناد ، وما تقدم منها وما تأخر ، وما كان على سبب وغير سبب وإن لم يسمعها مسندة إذا عرفها من وجوه الصحة .
والثالث : علمه بالإجماع والاختلاف وأقاويل الناس ليتبع الإجماع ويجتهد في المختلف .
والرابع : علمه بالقياس ما كان منه جليا أو خفيا وقياس المعنى وقياس الشبه وصحة العلل وفسادها .
والخامس : علمه بالعربية فيما تدعو الحاجة إليه من اللغة والإعراب ، لأن لسان الكتاب والسنة عربي ، فيعرف لسان العرب ، من صيغة ألفاظهم وموضوع خطابهم ليفرق بين الفاعل والمفعول ، وحكم الأوامر والنواهي ، والندب والإرشاد ، والعموم والخصوص .
فإذا أحاط علما بهذه الأصول الخمسة وأشرف عليها وإن لم يصر أعلم الناس بها
إذا تبينها علم ما لم يعلم - جاز أن يفتي وجاز أن يستفتى .
وجاز أن يشاوره القاضي في الأحكام النازلة ، وسواء وافق القاضي على مذهبه أو خالفه ، لأنه لا يقتنع منه بالجواب حتى يسأله عن الدليل والتعليل .
فإن كان فاسقا لم يعمل على قوله فيما تعلق بالنقل والرواية والفتيا لقول الله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=6إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا [ الحجرات : 6 ] .
واختلف في جواز مباحثته فيما تعلق بالمعاني والاستنباط فمنع
أبو علي بن أبي هريرة من مباحثته لأنه غير موثوق به حذرا مما يستحدثه من شبهة فاسدة ، وأجازه آخرون لأنه ربما انكشف بمناظرته وجه الصواب إذ ليس يؤخذ بقوله وإنما يعمل على ما تنتهي إليه المناظرة من وضوح الصحة والفساد .
nindex.php?page=treesubj&link=20249_27130ولا يعول القاضي على مشاورة الواحد حتى يجمع بين عدد ينكشف بمناظرتهم ما غمض ويتوصل بها إلى ما خفي ولا يقلدهم وإن كانوا عددا حتى يصل إلى علم الحادثة بما يقتضيه الدليل ويوجبه التعليل .
nindex.php?page=treesubj&link=20249_27130شُرُوطُ مَنْ يُشَاوِرُهُ الْقَاضِي :
مَسْأَلَةٌ : قَالَ
الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - : وَلَا يُشَاوِرُ إِذَا نَزَلَ بِهِ الْمُشْكِلُ إِلَّا عَالِمًا بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْآثَارِ وَأَقَاوِيلِ النَّاسِ وَالْقِيَاسِ وَلِسَانِ الْعَرَبِ " .
قَالَ
الْمَاوَرْدِيُّ : وَهَذَا صَحِيحٌ وَهَذِهِ شُرُوطُ مَنْ يُشَاوِرُهُ الْقَاضِي فِي الْأَحْكَامِ وَمَجْمُوعِهَا :
إِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=20249_27130كُلَّ مَنْ صَحَّ أَنْ يُفْتِيَ فِي الشَّرْعِ صَحَّ أَنْ يُشَاوِرَهُ الْقَاضِي فِي الْأَحْكَامِ فَتُعْتَبَرُ فِيهِ شُرُوطُ الْمُفْتِي وَلَا تُعْتَبَرُ فِيهِ شُرُوطُ الْقَاضِي .
فَيَجُوزُ أَنْ يُشَاوِرَ
nindex.php?page=treesubj&link=27130_20249الْأَعْمَى وَالْعَبْدَ وَالْمَرْأَةَ وَإِنْ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ قَاضِيًا : لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَجُوزُ أَنْ يُسْتَفْتَى وَيُفْتِيَ .
nindex.php?page=treesubj&link=22326_22323وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْمُفْتِي شَرْطَانِ :
أَحَدُهُمَا : الْعَدَالَةُ الْمُعْتَبَرَةُ فِي الْمُخْبِرِ دُونَ الشَّاهِدِ ، لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ وَسَلَامَةَ الْبَصَرِ يُعْتَبَرَانِ فِي الشَّاهِدِ وَلَا يُعْتَبَرَانِ فِي الْمُفْتِي وَالْمُخْبِرِ .
وَالشَّرْطُ الثَّانِي : أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ فِي النَّوَازِلِ وَالْأَحْكَامِ .
وَيَكُونُ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ إِذَا أَحَاطَ عِلْمُهُ بِخَمْسَةِ أُصُولٍ :
[ ص: 51 ] أَحَدُهَا : عِلْمُهُ بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى فِي مَعْرِفَةِ نَاسِخِهِ وَمَنْسُوخِهِ وَمُحْكَمِهِ وَمُتَشَابِهِهِ وَمُفَسِّرِهِ وَمُجْمَلِهِ وَعُمُومِهِ وَخُصُوصِهِ ، وَإِنْ لَمْ يَقُمْ بِتِلَاوَتِهِ .
وَالثَّانِي : عِلْمُهُ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَعْرِفَةِ أَخْبَارِ التَّوَاتُرِ وَالْآحَادِ وَصِحَّةِ الطُّرُقِ وَالْإِسْنَادِ ، وَمَا تَقَدَّمَ مِنْهَا وَمَا تَأَخَّرَ ، وَمَا كَانَ عَلَى سَبَبٍ وَغَيْرِ سَبَبٍ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهَا مُسْنَدَةً إِذَا عَرَفَهَا مِنْ وُجُوهِ الصِّحَّةِ .
وَالثَّالِثُ : عِلْمُهُ بِالْإِجْمَاعِ وَالِاخْتِلَافِ وَأَقَاوِيلِ النَّاسِ لِيَتْبَعَ الْإِجْمَاعَ وَيَجْتَهِدَ فِي الْمُخْتَلِفِ .
وَالرَّابِعُ : عِلْمُهُ بِالْقِيَاسِ مَا كَانَ مِنْهُ جَلِيًّا أَوْ خَفِيًّا وَقِيَاسِ الْمَعْنَى وَقِيَاسِ الشَّبَهِ وَصِحَّةِ الْعِلَلِ وَفَسَادِهَا .
وَالْخَامِسُ : عِلْمُهُ بِالْعَرَبِيَّةِ فِيمَا تَدْعُو الْحَاجَةُ إِلَيْهِ مِنَ اللُّغَةِ وَالْإِعْرَابِ ، لِأَنَّ لِسَانَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ عَرَبِيٌّ ، فَيَعْرِفُ لِسَانَ الْعَرَبِ ، مِنْ صِيغَةِ أَلْفَاظِهِمْ وَمَوْضُوعِ خِطَابِهِمْ لِيُفَرِّقَ بَيْنَ الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ ، وَحُكْمِ الْأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي ، وَالنَّدْبِ وَالْإِرْشَادِ ، وَالْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ .
فَإِذَا أَحَاطَ عِلْمًا بِهَذِهِ الْأُصُولِ الْخَمْسَةِ وَأَشْرَفَ عَلَيْهَا وَإِنْ لَمْ يَصِرْ أَعْلَمَ النَّاسِ بِهَا
إِذَا تَبَيَّنَهَا عَلِمَ مَا لَمْ يَعْلَمْ - جَازَ أَنْ يُفْتِيَ وَجَازَ أَنْ يُسْتَفْتَى .
وَجَازَ أَنْ يُشَاوِرَهُ الْقَاضِي فِي الْأَحْكَامِ النَّازِلَةِ ، وَسَوَاءٌ وَافَقَ الْقَاضِي عَلَى مَذْهَبِهِ أَوْ خَالَفَهُ ، لِأَنَّهُ لَا يَقْتَنِعُ مِنْهُ بِالْجَوَابِ حَتَّى يَسْأَلَهُ عَنِ الدَّلِيلِ وَالتَّعْلِيلِ .
فَإِنْ كَانَ فَاسِقًا لَمْ يَعْمَلْ عَلَى قَوْلِهِ فِيمَا تَعَلَّقَ بِالنَّقْلِ وَالرِّوَايَةِ وَالْفُتْيَا لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=6إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا [ الْحُجُرَاتِ : 6 ] .
وَاخْتُلِفَ فِي جَوَازِ مُبَاحَثَتِهِ فِيمَا تَعَلَّقَ بِالْمَعَانِي وَالِاسْتِنْبَاطِ فَمَنَعَ
أَبُو عَلِيِّ بْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ مُبَاحَثَتِهِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَوْثُوقٍ بِهِ حَذِرًا مِمَّا يَسْتَحْدِثُهُ مِنْ شُبْهَةٍ فَاسِدَةٍ ، وَأَجَازَهُ آخَرُونَ لِأَنَّهُ رُبَّمَا انْكَشَفَ بِمُنَاظَرَتِهِ وَجْهُ الصَّوَابِ إِذْ لَيْسَ يُؤْخَذُ بِقَوْلِهِ وَإِنَّمَا يُعْمَلُ عَلَى مَا تَنْتَهِي إِلَيْهِ الْمُنَاظَرَةُ مِنْ وُضُوحِ الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ .
nindex.php?page=treesubj&link=20249_27130وَلَا يُعَوِّلُ الْقَاضِي عَلَى مُشَاوَرَةِ الْوَاحِدِ حَتَّى يَجْمَعَ بَيْنَ عَدَدٍ يَنْكَشِفُ بِمُنَاظَرَتِهِمْ مَا غَمُضَ وَيَتَوَصَّلُ بِهَا إِلَى مَا خَفِيَ وَلَا يُقَلِّدُهُمْ وَإِنْ كَانُوا عَدَدًا حَتَّى يَصِلَ إِلَى عِلْمِ الْحَادِثَةِ بِمَا يَقْتَضِيهِ الدَّلِيلُ وَيُوجِبُهُ التَّعْلِيلُ .