فصل : [
nindex.php?page=treesubj&link=20750الأصول الشرعية ] .
فإذا تقررت هذه الجملة فالأصول الشرعية أربعة :
nindex.php?page=treesubj&link=20750الكتاب والسنة والإجماع والقياس .
أولا : الكتاب .
فالأصل الأول هو كتاب الله : الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=29هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق [ الجاثية : 29 ] . وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=38ما فرطنا في الكتاب من شيء [ الأنعام : 38 ] . وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=10وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله [ الشورى : 15 ] .
ما يشتمل عليه الكتاب :
nindex.php?page=treesubj&link=20753وكتاب الله يشتمل على ثلاثة وجوه : أمر ونهي وخبر .
وليس فيه استخبار لعلمه بما كان ويكون . وما ورد فيه على صيغة الاستخبار والاستفهام فالمراد به تقرير أو وعيد .
وقد حد ما فيه بأخص من هذه العبارة فقيل : إنه يشتمل على إعلام وإلزام .
فالإعلام : وعد أو وعيد ، وليس يخلو ما فيه من النصوص من أن يراد به وعد أو وعيد .
والإلزام أمر ونهي .
nindex.php?page=treesubj&link=21049_21078فالأمر ما تعبد بفعله .
[ ص: 56 ] والنهي ما تعبد بتركه .
nindex.php?page=treesubj&link=21052_21051أقسام الأمر :
والأمر : ينقسم بالقرائن ثلاثة أقسام : واجب واستحباب ومباح .
فإن تجرد عن قرينة كان محمولا عند
الشافعي على الوجوب إلا بدليل يصرفه إلى الاستحباب أو الإباحة .
وذهب غيره إلى أنه محمول على الاستحباب حتى يقوم دليل على الوجوب .
وقال آخرون : هو موقوف حتى يقوم دليل على المراد به لاحتماله .
وما قاله
الشافعي أولى ، لفرق ما بين ورود الأمر وعدمه .
nindex.php?page=treesubj&link=21100_21082_21083أقسام النهي :
والنهي ينقسم بالقرائن ثلاثة أقسام : تحريم وكراهة وتنزيه :
فإن تجرد عن قرينة كان محمولا عند
الشافعي على التحريم وفساد المنهي عنه إلا أن يصرفه دليل إلى غيره .
والأمر يقتضي فعل المأمور مرة واحدة ، ولا يحمل على التكرار إلا بدليل .
nindex.php?page=treesubj&link=21097والنهي يقتضي ترك المنهي عنه على الدوام ولا يجعل موقتا إلا بدليل .
nindex.php?page=treesubj&link=21097والنهي يقتضي الفور ، ولا يحمل على التراخي إلا بدليل .
وفيما يقتضيه مطلق الأمر من الفور أو التراخي وجهان :
أحدهما : أنه يحمل على الفور كالنهي حتى يقوم دليل على التراخي .
والوجه الثاني : أنه يحمل على التراخي حتى يقوم دليل على الفور .
وقد يرد الأمر بلفظ الخبر ، كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=228والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء [ البقرة : 228 ] . فيحمل على حكم الأمر .
ويجوز أن يتوجه إليه النسخ .
وذهب قوم إلى أن ما ورد بلفظ الخبر لم يجز أن يتوجه إليه نسخ كالخبر .
وهذا فاسد ، لأنه في معنى الأمر فكان على حكمه .
nindex.php?page=treesubj&link=21145ومطلق الأمر والنهي متوجه إلى جميع الأحرار من الرجال والنساء .
وفي
nindex.php?page=treesubj&link=21150دخول العبيد في مطلق الأمر والنهي ثلاثة أوجه :
أحدها : يدخلون فيه لتوجه التكليف إليهم ولا يخرجون منه إلا بدليل .
والوجه الثاني : لا يتوجه إليهم ويخرجون منه بغير دليل لأنهم أتباع .
[ ص: 57 ] والوجه الثالث : أنه إن تضمن الخطاب وعيدا توجه إليهم كالأحرار ولم يخرجوا منه إلا بدليل وإن تضمن ملكا أو عقدا أو ولاية خرجوا منه ولم يدخلوا فيه إلا بدليل .
وإذا ورد الكتاب باللفظ المذكر توجه إلى الرجال ولم تدخل فيه النساء إلا بدليل ، كما لو ورد بلفظ المؤنث توجه إلى النساء ولم يدخل فيه الرجال إلا بدليل .
وهذا متفق عليه وذلك مختلف فيه .
والمتفق عليه من افتراقهما في اللفظ المؤنث دليل يوجب افتراقهما فيما اختلف فيه من اللفظ المذكر .
وأما
nindex.php?page=treesubj&link=22128ما تضمنته شرائع من قبلنا من الأنبياء من الأوامر والنواهي فما لم يقصه الله تعالى علينا في كتابه لم يلزمنا حكمه لانتفاء العلم بصحته ، وما قصه علينا في كتابه لزمنا منه ما شرعه
إبراهيم لقول الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=123ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا [ النحل : 123 ] .
وفي لزوم ما شرعه غيره من الأنبياء وجهان :
أحدهما : يلزم ما لم يقم دليل على نسخه لكونه حقا .
والوجه الثاني : لا يلزم إلا أن يقوم دليل على وجوبه وليس في أصله منسوخا .
فَصْلٌ : [
nindex.php?page=treesubj&link=20750الْأُصُولُ الشَّرْعِيَّةُ ] .
فَإِذَا تَقَرَّرَتْ هَذِهِ الْجُمْلَةُ فَالْأُصُولُ الشَّرْعِيَّةُ أَرْبَعَةٌ :
nindex.php?page=treesubj&link=20750الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ وَالْقِيَاسُ .
أَوَّلًا : الْكِتَابُ .
فَالْأَصْلُ الْأَوَّلُ هُوَ كِتَابُ اللَّهِ : الَّذِي لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=29هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ [ الْجَاثِيَةِ : 29 ] . وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=38مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ [ الْأَنْعَامِ : 38 ] . وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=10وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ [ الشُّورَى : 15 ] .
مَا يَشْتَمِلُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ :
nindex.php?page=treesubj&link=20753وَكِتَابُ اللَّهِ يَشْتَمِلُ عَلَى ثَلَاثَةِ وُجُوهٍ : أَمْرٍ وَنَهْيٍ وَخَبَرٍ .
وَلَيْسَ فِيهِ اسْتِخْبَارٌ لِعِلْمِهِ بِمَا كَانَ وَيَكُونُ . وَمَا وَرَدَ فِيهِ عَلَى صِيغَةِ الِاسْتِخْبَارِ وَالِاسْتِفْهَامِ فَالْمُرَادُ بِهِ تَقْرِيرٌ أَوْ وَعِيدٌ .
وَقَدْ حُدَّ مَا فِيهِ بِأَخَصَّ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ فَقِيلَ : إِنَّهُ يَشْتَمِلُ عَلَى إِعْلَامٍ وَإِلْزَامٍ .
فَالْإِعْلَامُ : وَعْدٌ أَوْ وَعِيدٌ ، وَلَيْسَ يَخْلُو مَا فِيهِ مِنَ النُّصُوصِ مِنْ أَنْ يُرَادَ بِهِ وَعْدٌ أَوْ وَعِيدٌ .
وَالْإِلْزَامُ أَمْرٌ وَنَهْيٌ .
nindex.php?page=treesubj&link=21049_21078فَالْأَمْرُ مَا تُعُبِّدَ بِفِعْلِهِ .
[ ص: 56 ] وَالنَّهْيُ مَا تُعُبِّدَ بِتَرْكِهِ .
nindex.php?page=treesubj&link=21052_21051أَقْسَامُ الْأَمْرِ :
وَالْأَمْرُ : يَنْقَسِمُ بِالْقَرَائِنِ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ : وَاجِبٌ وَاسْتِحْبَابٌ وَمُبَاحٌ .
فَإِنْ تَجَرَّدَ عَنْ قَرِينَةٍ كَانَ مَحْمُولًا عِنْدَ
الشَّافِعِيِّ عَلَى الْوُجُوبِ إِلَّا بِدَلِيلٍ يَصْرِفُهُ إِلَى الِاسْتِحْبَابِ أَوِ الْإِبَاحَةِ .
وَذَهَبَ غَيْرُهُ إِلَى أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ حَتَّى يَقُومَ دَلِيلٌ عَلَى الْوُجُوبِ .
وَقَالَ آخَرُونَ : هُوَ مَوْقُوفٌ حَتَّى يَقُومَ دَلِيلٌ عَلَى الْمُرَادِ بِهِ لِاحْتِمَالِهِ .
وَمَا قَالَهُ
الشَّافِعِيُّ أَوْلَى ، لِفِرَقِ مَا بَيْنَ وُرُودِ الْأَمْرِ وَعَدَمِهِ .
nindex.php?page=treesubj&link=21100_21082_21083أَقْسَامُ النَّهْيِ :
وَالنَّهْيُ يَنْقَسِمُ بِالْقَرَائِنِ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ : تَحْرِيمٌ وَكَرَاهَةٌ وَتَنْزِيهٌ :
فَإِنْ تَجَرَّدَ عَنْ قَرِينَةٍ كَانَ مَحْمُولًا عِنْدَ
الشَّافِعِيِّ عَلَى التَّحْرِيمِ وَفَسَادِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ إِلَّا أَنْ يَصْرِفَهُ دَلِيلٌ إِلَى غَيْرِهِ .
وَالْأَمْرُ يَقْتَضِي فِعْلَ الْمَأْمُورِ مَرَّةً وَاحِدَةً ، وَلَا يُحْمَلُ عَلَى التَّكْرَارِ إِلَّا بِدَلِيلٍ .
nindex.php?page=treesubj&link=21097وَالنَّهْيُ يَقْتَضِي تَرْكَ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ عَلَى الدَّوَامِ وَلَا يُجْعَلُ مُوَقَّتًا إِلَّا بِدَلِيلٍ .
nindex.php?page=treesubj&link=21097وَالنَّهْيُ يَقْتَضِي الْفَوْرَ ، وَلَا يُحْمَلُ عَلَى التَّرَاخِي إِلَّا بِدَلِيلٍ .
وَفِيمَا يَقْتَضِيهِ مُطْلَقُ الْأَمْرِ مِنَ الْفَوْرِ أَوِ التَّرَاخِي وَجْهَانِ :
أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى الْفَوْرِ كَالنَّهْيِ حَتَّى يَقُومَ دَلِيلٌ عَلَى التَّرَاخِي .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي : أَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى التَّرَاخِي حَتَّى يَقُومَ دَلِيلٌ عَلَى الْفَوْرِ .
وَقَدْ يَرِدُ الْأَمْرُ بِلَفْظِ الْخَبَرِ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=228وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ [ الْبَقَرَةِ : 228 ] . فَيُحْمَلُ عَلَى حُكْمِ الْأَمْرِ .
وَيَجُوزُ أَنْ يَتَوَجَّهَ إِلَيْهِ النَّسْخُ .
وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ مَا وَرَدَ بِلَفْظِ الْخَبَرِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَتَوَجَّهَ إِلَيْهِ نَسْخٌ كَالْخَبَرِ .
وَهَذَا فَاسِدٌ ، لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْأَمْرِ فَكَانَ عَلَى حُكْمِهِ .
nindex.php?page=treesubj&link=21145وَمُطْلَقُ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ مُتَوَجِّهٌ إِلَى جَمِيعِ الْأَحْرَارِ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ .
وَفِي
nindex.php?page=treesubj&link=21150دُخُولِ الْعَبِيدِ فِي مُطْلَقِ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ :
أَحَدُهَا : يَدْخُلُونَ فِيهِ لِتَوَجُّهِ التَّكْلِيفِ إِلَيْهِمْ وَلَا يَخْرُجُونَ مِنْهُ إِلَّا بِدَلِيلٍ .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي : لَا يَتَوَجَّهُ إِلَيْهِمْ وَيَخْرُجُونَ مِنْهُ بِغَيْرِ دَلِيلٍ لِأَنَّهُمْ أَتْبَاعٌ .
[ ص: 57 ] وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ : أَنَّهُ إِنْ تَضَمَّنَ الْخِطَابُ وَعِيدًا تَوَجَّهَ إِلَيْهِمْ كَالْأَحْرَارِ وَلَمْ يَخْرُجُوا مِنْهُ إِلَّا بِدَلِيلٍ وَإِنْ تَضَمَّنَ مِلْكًا أَوْ عَقْدًا أَوْ وِلَايَةً خَرَجُوا مِنْهُ وَلَمْ يَدْخُلُوا فِيهِ إِلَّا بِدَلِيلٍ .
وَإِذَا وَرَدَ الْكِتَابُ بِاللَّفْظِ الْمُذَكَّرِ تَوَجَّهَ إِلَى الرِّجَالِ وَلَمْ تَدْخُلْ فِيهِ النِّسَاءُ إِلَّا بِدَلِيلٍ ، كَمَا لَوْ وَرَدَ بِلَفْظِ الْمُؤَنَّثِ تَوَجَّهَ إِلَى النِّسَاءِ وَلَمْ يَدْخُلْ فِيهِ الرِّجَالُ إِلَّا بِدَلِيلٍ .
وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَذَلِكَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ .
وَالْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ مِنِ افْتِرَاقِهِمَا فِي اللَّفْظِ الْمُؤَنَّثِ دَلِيلٌ يُوجِبُ افْتِرَاقَهُمَا فِيمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ اللَّفْظِ الْمُذَكَّرِ .
وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=22128مَا تَضَمَّنَتْهُ شَرَائِعُ مَنْ قَبْلَنَا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ مِنَ الْأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي فَمَا لَمْ يَقُصَّهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْنَا فِي كِتَابِهِ لَمْ يَلْزَمْنَا حُكْمُهُ لِانْتِفَاءِ الْعِلْمِ بِصِحَّتِهِ ، وَمَا قَصَّهُ عَلَيْنَا فِي كِتَابِهِ لَزِمَنَا مِنْهُ مَا شَرَعَهُ
إِبْرَاهِيمُ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=123ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا [ النَّحْلِ : 123 ] .
وَفِي لُزُومِ مَا شَرَعَهُ غَيْرُهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَجْهَانِ :
أَحَدُهُمَا : يَلْزَمُ مَا لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى نَسْخِهِ لِكَوْنِهِ حَقًّا .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي : لَا يَلْزَمُ إِلَّا أَنْ يَقُومَ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِهِ وَلَيْسَ فِي أَصْلِهِ مَنْسُوخًا .