القول [ فيما يقع فيه النسخ ] :
فأما
nindex.php?page=treesubj&link=22178_22205القسم الأول فيما يقع فيه النسخ : فقد ذكرنا أنها الأوامر والنواهي الشرعية وهي على ثلاثة أضرب :
أحدها : أن تكون مطلقة فيجوز نسخها ، وإن وردت بلفظ الخبر .
وتوهم بعض أصحابنا فمنع من نسخها إذا وردت بلفظ الخبر اعتبارا بالأخبار في الامتناع من دخول النسخ فيها .
فهذا فاسد من وجهين :
أحدهما : اختصاص الأخبار بالأعلام واختصاص الأوامر بالإلزام .
والثاني : اختصاص الأخبار بالماضي والأوامر بالمستقبل ولما تعلق بما ورد من
[ ص: 77 ] الأوامر بلفظ الأخبار أحكام الأوامر دون الأخبار ، ومن هذين الوجهين ، كذلك في حكم النسخ .
والضرب الثاني : أن يرد الأمر مؤكدا بالتأبيد ففي جواز نسخه لأصحابنا وجهان :
أحدهما : لا يجوز نسخه : لأن صريح التأبيد مانع من احتمال النسخ .
والوجه الثاني : وكأنه أشبه أن نسخه جائز ، لأن المطلق يقتضي التأبيد كالمؤكد ، لأنه لما جاز انقطاع المؤبد بالاستثناء مثل قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=4ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون إلا الذين تابوا [ النور : 4 ] . جاز انقطاعه ناسخ بالمطلق . والضرب الثالث : أن يكون الأمر مقدرا بمدة فيكون انقضاء المدة موجبا لارتفاع الأمر فيصير نسخا بغير نسخ .
فإن أريد نسخه قبل انقضاء مدته كان في جوازه وجهان : كالمؤبد .
الْقَوْلُ [ فِيمَا يَقَعُ فِيهِ النَّسْخُ ] :
فَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=22178_22205الْقِسْمُ الْأَوَّلُ فِيمَا يَقَعُ فِيهِ النَّسْخُ : فَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّهَا الْأَوَامِرُ وَالنَّوَاهِي الشَّرْعِيَّةُ وَهِيَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ :
أَحَدُهَا : أَنْ تَكُونَ مُطْلَقَةً فَيَجُوزُ نَسْخُهَا ، وَإِنْ وَرَدَتْ بِلَفْظِ الْخَبَرِ .
وَتَوَهَّمَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فَمَنَعَ مِنْ نَسْخِهَا إِذَا وَرَدَتْ بِلَفْظِ الْخَبَرِ اعْتِبَارًا بِالْأَخْبَارِ فِي الِامْتِنَاعِ مِنْ دُخُولِ النَّسْخِ فِيهَا .
فَهَذَا فَاسِدٌ مِنْ وَجْهَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : اخْتِصَاصُ الْأَخْبَارِ بِالْأَعْلَامِ وَاخْتِصَاصُ الْأَوَامِرِ بِالْإِلْزَامِ .
وَالثَّانِي : اخْتِصَاصُ الْأَخْبَارِ بِالْمَاضِي وَالْأَوَامِرِ بِالْمُسْتَقْبَلِ وَلِمَا تَعَلَّقَ بِمَا وَرَدَ مِنَ
[ ص: 77 ] الْأَوَامِرِ بِلَفْظِ الْأَخْبَارِ أَحْكَامُ الْأَوَامِرِ دُونَ الْأَخْبَارِ ، وَمِنْ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ ، كَذَلِكَ فِي حُكْمِ النَّسْخِ .
وَالضَّرْبُ الثَّانِي : أَنْ يَرِدَ الْأَمْرُ مُؤَكَّدًا بِالتَّأْبِيدِ فَفِي جَوَازِ نَسْخِهِ لِأَصْحَابِنَا وَجْهَانِ :
أَحَدُهُمَا : لَا يَجُوزُ نَسْخُهُ : لِأَنَّ صَرِيحَ التَّأْبِيدِ مَانِعٌ مِنِ احْتِمَالِ النَّسْخِ .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي : وَكَأَنَّهُ أَشْبَهُ أَنَّ نَسْخَهُ جَائِزٌ ، لِأَنَّ الْمُطْلَقَ يَقْتَضِي التَّأْبِيدَ كَالْمُؤَكَّدِ ، لِأَنَّهُ لَمَّا جَازَ انْقِطَاعُ الْمُؤَبَّدِ بِالِاسْتِثْنَاءِ مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=4وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا [ النُّورِ : 4 ] . جَازَ انْقِطَاعُهُ نَاسِخٌ بِالْمُطْلَقِ . وَالضَّرْبُ الثَّالِثُ : أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ مُقَدَّرًا بِمُدَّةٍ فَيَكُونُ انْقِضَاءُ الْمُدَّةِ مُوجِبًا لِارْتِفَاعِ الْأَمْرِ فَيَصِيرُ نَسْخًا بِغَيْرِ نَسْخٍ .
فَإِنْ أُرِيدَ نَسْخُهُ قَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّتِهِ كَانَ فِي جَوَازِهِ وَجْهَانِ : كَالْمُؤَبَّدِ .