الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : القول في شروط التحمل

                                                                                                                                            وأما الفصل الثاني في شروط التحمل : فللمستمع أربعة أحوال :

                                                                                                                                            أحدها : أن يسمع من لفظ المحدث .

                                                                                                                                            والثاني : أن يقرأه على المحدث .

                                                                                                                                            والثالث : أن يجيزه المحدث .

                                                                                                                                            والرابع : أن يكاتبه به المحدث .

                                                                                                                                            فأما الحالة الأولى في سماعه من لفظ المحدث فيصح تحمله عنه سواء كان عن قصد واسترعاء أو كان باتفاق ومذاكرة بخلاف الشهادة .

                                                                                                                                            [ ص: 90 ] ويجوز أن يكون المحدث أعمى أو أصم ولا يصح السماع إن كان المتحمل أصم ويصح إن كان أعمى .

                                                                                                                                            وأما الحالة الثانية في قراءة المستمع على المحدث فيصح تحمله كما لو قرأه المحدث ، وهكذا لو قرأه غير المستمع على المحدث كان كما لو قرأه المستمع .

                                                                                                                                            ومن شرط صحة السماع في هذا شيئان :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يكون المحدث سميعا وإن كان أصم لم يصح .

                                                                                                                                            والثاني : أن يعترف المحدث بصحة ما قرأه عليه .

                                                                                                                                            وأما الحالة الثالثة : الإجازة فلا يصح التحمل بالإجازة .

                                                                                                                                            وأجازه بعض أصحاب الحديث في جميع الأحوال ، واعتبر بعضهم في صحة الإجازة أن يسلم المحدث الكتاب من يده عند إجازته فيصح التحمل إذا قال قد أجزتك ما في هذا الكتاب ، ولا يصح إن لم يسلم الكتاب .

                                                                                                                                            وكل هذا لا يصح فيه التحمل عند الشافعي ، ولو صحت الإجازة بطلت الرحلة وقد يتدلس في الإجازة الفاسد بالصحيح . والمجهول بالمعروف .

                                                                                                                                            وأما الحال الرابعة : في مكاتبة المحدث بالحديث فلا يصح فيها التحمل .

                                                                                                                                            فإن قيل : فقد كتب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى عماله بالسنن والأحكام كتبا عملوا عليها

                                                                                                                                            وأخذ الناس بها
                                                                                                                                            . منها كتابه إلى عمرو بن حزم في الديات ، والصحيفة التي أخذها أبو بكر من قراب سيفه في نصب الزكاة ، قيل : قد كانت ترد مع رسل يعول على خبرهم بها .

                                                                                                                                            ويصح سماع غير البالغ إذا كان مميزا ؛ قد سمع ابن أبي بكر وكان ابن سبع سنين حين مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد سمع ابن عباس قبل بلوغه فقبل الناس روايتهما بعد البلوغ .

                                                                                                                                            وهكذا لو كان المستمع كافرا ثم أسلم أو فاسقا ثم اعتدل لأن شرط صحة التحمل هو صحة التمييز وحده .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية