[ أفعال الرسول - صلى الله عليه وسلم - ] .
وأما
nindex.php?page=treesubj&link=21390_21404أفعال الرسول - صلى الله عليه وسلم - فضربان :
أحدهما : ما لا يتعلق بالديانات كمأكله ومشربه وملبسه ومنامه فيدل فعله على الإباحة دون الوجوب ، لأن أفعاله تتردد بين الحسن والجائز ولا يفعل ما يقبح في العقل أو يكره في الشرع ، فيكون التأسي به أبرك من المخالفة له ، قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=21لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة [ الأحزاب : 21 ] . إلا أن يقوم دليل على اختصاصه بالإباحة كما خص في المناكح بما حظره على غيره فلا يجوز اتباعه فيه .
والضرب الثاني : ما اختص بالديانات فله فيها ثلاثة أحوال :
إحداها : أن يأمر باتباعه فيها كما قال "
nindex.php?page=hadith&LINKID=921136صلوا كما رأيتموني أصلي وقال في الحج :
nindex.php?page=hadith&LINKID=922705خذوا عني مناسككم فيكون اتباعه فيها فرضا لاقتران أمره بفعله .
والحال الثانية : أن ينهى عن اتباعه فيها كما نهى عن الوصال في الصيام فانتهى الناس ثم واصل فواصلوا فقال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=925513أما إني كنت نهيت عن الوصال " فقالوا : رأيناك واصلت فواصلنا فقال : إني لست مثلكم إني أطعم وأسقى " فلا يجب علينا اتباعه فيه لنهيه عنه .
وهو على ثلاثة أضرب :
أحدها : ما كان له مباحا وعلينا محظورا كالمناكح .
والضرب الثاني : ما كان له مستحبا ولنا مكروها كالوصال .
والضرب الثالث : ما كان عليه فرضا وعلينا ندبا كما قال : "
فرض علي السواك ولم يفرض عليكم " .
والحال الثالثة : أن تتجرد أفعاله عن أن يأمر بها أو ينهى عنها ، فاتباعه فيها ندب ، واختلف فيها هل تكون فرضا أو مستحبة ؟ فيه وجهان :
[ ص: 101 ] أحدهما : وهو قول الأكثرين أنها مستحبة وليست بفرض إلا أن يقترن بها أمر لأنه كان - صلى الله عليه وسلم - يستسر بكثير من أفعاله ولو كان اتباعه فيها فرضا لأظهرها كما أظهر أقواله ليكون البلاغ بهما عاما .
والوجه الثاني : أن اتباعه فيها فرض ما لم ينه عنه لقول الله تعالى في حق النبي - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=63فليحذر الذين يخالفون عن أمره [ النور : 63 ] . والأمر ينطلق على الفعل كانطلاقه على القول كما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=97وما أمر فرعون برشيد [ هود : 97 ] . أي فعل فرعون وكما قال الشاعر :
لها أمرها حتى إذا ما تبوأت بإخفافها بتنا نبوئ مضجعا
يعني بالأمر أفعال الإبل في سيرها .
وقد روي
nindex.php?page=hadith&LINKID=925514أن رجلا أرسل امرأة إلى nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة - رضي الله عنها - ليسألها عن قبلة الصائم فقالت nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد قبل وهو صائم . فقال الرجل : لسنا كرسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن الله قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر . وأعاد زوجته لتسأل فذكرت nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : هلا أنبأتها فقالت قد فعلت . فقالت : لسنا كرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إني لأرجو أن أكون أتقاكم لله وأعلمكم بحدوده " .
فدل على وجوب اتباعه في أفعاله .
[ أَفْعَالُ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ] .
وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=21390_21404أَفْعَالُ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَضَرْبَانِ :
أَحَدُهُمَا : مَا لَا يَتَعَلَّقُ بِالدِّيَانَاتِ كَمَأْكَلِهِ وَمَشْرَبِهِ وَمَلْبَسِهِ وَمَنَامِهِ فَيَدُلُّ فِعْلُهُ عَلَى الْإِبَاحَةِ دُونَ الْوُجُوبِ ، لِأَنَّ أَفْعَالَهُ تَتَرَدَّدُ بَيْنَ الْحَسَنِ وَالْجَائِزِ وَلَا يَفْعَلُ مَا يَقْبُحُ فِي الْعَقْلِ أَوْ يُكْرَهُ فِي الشَّرْعِ ، فَيَكُونُ التَّأَسِّي بِهِ أَبْرَكَ مِنَ الْمُخَالَفَةِ لَهُ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=21لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [ الْأَحْزَابِ : 21 ] . إِلَّا أَنْ يَقُومَ دَلِيلٌ عَلَى اخْتِصَاصِهِ بِالْإِبَاحَةِ كَمَا خَصَّ فِي الْمُنَاكِحِ بِمَا حَظَّرَهُ عَلَى غَيْرِهِ فَلَا يَجُوزُ اتِّبَاعُهُ فِيهِ .
وَالضَّرْبُ الثَّانِي : مَا اخْتَصَّ بِالدِّيَانَاتِ فَلَهُ فِيهَا ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ :
إِحْدَاهَا : أَنْ يَأْمُرَ بِاتِّبَاعِهِ فِيهَا كَمَا قَالَ "
nindex.php?page=hadith&LINKID=921136صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي وَقَالَ فِي الْحَجِّ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=922705خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ فَيَكُونُ اتِّبَاعُهُ فِيهَا فَرْضًا لِاقْتِرَانِ أَمْرِهِ بِفِعْلِهِ .
وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ : أَنْ يَنْهَى عَنِ اتِّبَاعِهِ فِيهَا كَمَا نَهَى عَنِ الْوِصَالِ فِي الصِّيَامِ فَانْتَهَى النَّاسُ ثُمَّ وَاصَلَ فَوَاصَلُوا فَقَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=925513أَمَا إِنِّي كُنْتُ نَهَيْتُ عَنِ الْوِصَالِ " فَقَالُوا : رَأَيْنَاكَ وَاصَلْتَ فَوَاصَلْنَا فَقَالَ : إِنِّي لَسْتُ مِثْلَكُمْ إِنِّي أُطْعَمُ وَأُسْقَى " فَلَا يَجِبُ عَلَيْنَا اتِّبَاعُهُ فِيهِ لِنَهْيِهِ عَنْهُ .
وَهُوَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ :
أَحَدُهَا : مَا كَانَ لَهُ مُبَاحًا وَعَلَيْنَا مَحْظُورًا كَالْمَنَاكِحِ .
وَالضَّرْبُ الثَّانِي : مَا كَانَ لَهُ مُسْتَحَبًّا وَلَنَا مَكْرُوهًا كَالْوِصَالِ .
وَالضَّرْبُ الثَّالِثُ : مَا كَانَ عَلَيْهِ فَرْضًا وَعَلَيْنَا نَدْبًا كَمَا قَالَ : "
فُرِضَ عَلَيَّ السِّوَاكُ وَلَمْ يُفْرَضْ عَلَيْكُمْ " .
وَالْحَالُ الثَّالِثَةُ : أَنْ تَتَجَرَّدَ أَفْعَالُهُ عَنْ أَنْ يَأْمُرَ بِهَا أَوْ يَنْهَى عَنْهَا ، فَاتِّبَاعُهُ فِيهَا نَدْبٌ ، وَاخْتُلِفَ فِيهَا هَلْ تَكُونُ فَرْضًا أَوْ مُسْتَحَبَّةً ؟ فِيهِ وَجْهَانِ :
[ ص: 101 ] أَحَدُهُمَا : وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ أَنَّهَا مُسْتَحَبَّةٌ وَلَيْسَتْ بِفَرْضٍ إِلَّا أَنْ يَقْتَرِنَ بِهَا أَمْرٌ لِأَنَّهُ كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْتَسِرُّ بِكَثِيرٍ مِنْ أَفْعَالِهِ وَلَوْ كَانَ اتِّبَاعُهُ فِيهَا فَرْضًا لَأَظْهَرَهَا كَمَا أَظْهَرَ أَقْوَالَهُ لِيَكُونَ الْبَلَاغُ بِهِمَا عَامًّا .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي : أَنَّ اتِّبَاعَهُ فِيهَا فَرْضٌ مَا لَمْ يَنْهَ عَنْهُ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى فِي حَقِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=63فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ [ النُّورِ : 63 ] . وَالْأَمْرُ يَنْطَلِقُ عَلَى الْفِعْلِ كَانْطِلَاقِهِ عَلَى الْقَوْلِ كَمَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=97وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ [ هُودٍ : 97 ] . أَيْ فِعْلَ فِرْعَوْنَ وَكَمَا قَالَ الشَّاعِرُ :
لَهَا أَمْرُهَا حَتَّى إِذَا مَا تَبَوَّأَتْ بِإِخْفَافِهَا بِتْنَا نُبَوِّئُ مَضْجَعًا
يَعْنِي بِالْأَمْرِ أَفْعَالَ الْإِبِلِ فِي سَيْرِهَا .
وَقَدْ رُوِيَ
nindex.php?page=hadith&LINKID=925514أَنَّ رَجُلًا أَرْسَلَ امْرَأَةً إِلَى nindex.php?page=showalam&ids=54أُمِّ سَلَمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - لِيَسْأَلَهَا عَنْ قُبْلَةِ الصَّائِمِ فَقَالَتْ nindex.php?page=showalam&ids=54أُمُّ سَلَمَةَ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ قَبَّلَ وَهُوَ صَائِمٌ . فَقَالَ الرَّجُلُ : لَسْنَا كَرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ . وَأَعَادَ زَوْجَتَهُ لِتَسْأَلَ فَذَكَرَتْ nindex.php?page=showalam&ids=54أُمُّ سَلَمَةَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ : هَلَّا أَنْبَأْتِهَا فَقَالَتْ قَدْ فَعَلْتُ . فَقَالَتْ : لَسْنَا كَرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : " إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَتْقَاكُمْ لِلَّهِ وَأَعْلَمَكُمْ بِحُدُودِهِ " .
فَدَلَّ عَلَى وُجُوبِ اتِّبَاعِهِ فِي أَفْعَالِهِ .