فصل :
nindex.php?page=treesubj&link=26933وإذا خالف ما لا يسوغ فيه الاجتهاد وهو أن يخالف نصا من كتاب أو سنة أو إجماع أو خالف من قياس المعنى القياس الجلي أو خالف من قياس الشبه قياس التحقيق نقض به حكمه وحكم غيره .
وقال
أبو حنيفة ومالك : إن خالف معنى نص الكتاب أو السنة أو قياس جلي أو خفي لم ينقض حكمه وإن خالف إجماعا نقض حكمه . وهذا قول مستبعد ، لكنه محكي عنهما ، ثم ناقضا في هذا القول .
[ ص: 174 ] فقال
مالك : إن حكم بالشفعة للجار نقض حكمه . وقال
أبو حنيفة : إن حكم بالقرعة بين العبيد نقض حكمه وإن حكم بجواز بيع ما لم يذكر اسم الله عليه عند ذبحه نقض حكمه .
وقال
محمد بن الحسن : إن حكم بالشاهد واليمين نقض حكمه .
وهذا المذهب مع استبعاده متناقض .
والدليل على فساده قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=59فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول [ النساء : 59 ] . يعني إلى حكم الله وحكم الرسول .
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "
ردوا الجهالات إلى السنن .
وقال - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=923952من أدخل في ديننا ما ليس منه فهو رد
ولأن
عمر بن الخطاب عدل عن اجتهاده في دية الجنين حين أخبره
حمل بن مالك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى فيه بغرة عبد أو أمة .
وكان لا يورث امرأة من دية زوجها حتى روى له
الضحاك بن سفيان أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ورث امرأة أشيم الضبابي من دية زوجها ، فورثها عمر .
وكان يفاضل بين ديات الأصابع حتى روي له أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : "
وفي كل إصبع مما هنالك عشر من الإبل .
وكتب
عمر إلى
أبي موسى الأشعري في عهده إليه : لا يمنعك قضاء قضيته أمس فراجعت اليوم فيه عقلك ، وهديت فيه لرشدك ، أن ترجع إلى الحق ، فإن الحق قديم ، ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل .
وهذه كلها آثار لم يظهر لها في الصحابة مخالف فكانت إجماعا .
ولأن الكتاب والسنة أصل للإجماع ، لأنه لا يجوز أن ينعقد على ما خالف نص الكتاب أو السنة فلما نقض حكمه بمخالفة الإجماع كان نقضه بمخالفة الكتاب والسنة أولى .
ووضوح فساد هذا القول يغني عن استيفاء أدلته .
فَصْلٌ :
nindex.php?page=treesubj&link=26933وَإِذَا خَالَفَ مَا لَا يُسَوَّغُ فِيهِ الِاجْتِهَادُ وَهُوَ أَنْ يُخَالِفَ نَصًّا مِنْ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ أَوْ إِجْمَاعٍ أَوْ خَالَفَ مِنْ قِيَاسِ الْمَعْنَى الْقِيَاسَ الْجَلِيَّ أَوْ خَالَفَ مِنْ قِيَاسِ الشَّبَهِ قِيَاسَ التَّحْقِيقِ نَقَضَ بِهِ حُكْمَهُ وَحُكْمَ غَيْرِهِ .
وَقَالَ
أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ : إِنْ خَالَفَ مَعْنَى نَصِّ الْكِتَابِ أَوِ السُّنَّةِ أَوْ قِيَاسٍ جَلِيٍّ أَوْ خَفِيٍّ لَمْ يُنْقَضْ حُكْمُهُ وَإِنْ خَالَفَ إِجْمَاعًا نُقِضَ حُكْمُهُ . وَهَذَا قَوْلٌ مُسْتَبْعَدٌ ، لَكِنَّهُ مَحْكِيٌّ عَنْهُمَا ، ثُمَّ نَاقَضَا فِي هَذَا الْقَوْلِ .
[ ص: 174 ] فَقَالَ
مَالِكٌ : إِنْ حَكَمَ بِالشُّفْعَةِ لِلْجَارِ نُقِضَ حُكْمُهُ . وَقَالَ
أَبُو حَنِيفَةَ : إِنْ حَكَمَ بِالْقُرْعَةِ بَيْنَ الْعَبِيدِ نُقِضَ حُكْمُهُ وَإِنْ حَكَمَ بِجَوَازِ بَيْعِ مَا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ عِنْدَ ذَبْحِهِ نُقِضَ حُكْمُهُ .
وَقَالَ
مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ : إِنْ حَكَمَ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ نُقِضَ حُكْمُهُ .
وَهَذَا الْمَذْهَبُ مَعَ اسْتِبْعَادِهِ مُتَنَاقِضٌ .
وَالدَّلِيلُ عَلَى فَسَادِهِ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=59فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ [ النِّسَاءِ : 59 ] . يَعْنِي إِلَى حُكْمِ اللَّهِ وَحُكْمِ الرَّسُولِ .
وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : "
رُدُّوا الْجَهَالَاتِ إِلَى السُّنَنِ .
وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=923952مَنْ أَدْخَلَ فِي دِينِنَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ
وَلِأَنَّ
عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ عَدَلَ عَنِ اجْتِهَادِهِ فِي دِيَةِ الْجَنِينِ حِينَ أَخْبَرَهُ
حَمَلُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى فِيهِ بِغُرَّةٍ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ .
وَكَانَ لَا يُوَرِّثُ امْرَأَةً مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا حَتَّى رَوَى لَهُ
الضَّحَّاكُ بْنُ سُفْيَانَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَّثَ امْرَأَةَ أَشْيَمَ الضَّبَابِيِّ مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا ، فَوَرَّثَهَا عُمَرُ .
وَكَانَ يُفَاضِلُ بَيْنَ دِيَاتِ الْأَصَابِعِ حَتَّى رُوِيَ لَهُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : "
وَفِي كُلِّ إِصْبَعٍ مِمَّا هُنَالِكَ عَشْرٌ مِنَ الْإِبِلِ .
وَكَتَبَ
عُمَرُ إِلَى
أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ فِي عَهْدِهِ إِلَيْهِ : لَا يَمْنَعُكَ قَضَاءٌ قَضَيْتَهُ أَمْسِ فَرَاجَعْتَ الْيَوْمَ فِيهِ عَقْلَكَ ، وَهُدِيتَ فِيهِ لِرُشْدِكَ ، أَنْ تَرْجِعَ إِلَى الْحَقِّ ، فَإِنَّ الْحَقَّ قَدِيمٌ ، وَمُرَاجَعَةُ الْحَقِّ خَيْرٌ مِنَ التَّمَادِي فِي الْبَاطِلِ .
وَهَذِهِ كُلُّهَا آثَارٌ لَمْ يَظْهَرْ لَهَا فِي الصَّحَابَةِ مُخَالِفٌ فَكَانَتْ إِجْمَاعًا .
وَلِأَنَّ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ أَصْلٌ لِلْإِجْمَاعِ ، لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَنْعَقِدَ عَلَى مَا خَالَفَ نَصَّ الْكِتَابِ أَوِ السُّنَّةِ فَلَمَّا نُقِضَ حُكْمُهُ بِمُخَالَفَةِ الْإِجْمَاعِ كَانَ نَقْضُهُ بِمُخَالَفَةِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ أَوْلَى .
وَوُضُوحُ فَسَادِ هَذَا الْقَوْلِ يُغْنِي عَنِ اسْتِيفَاءِ أَدِلَّتِهِ .