فصل :  كتاب القاضي وهو في غير محل ولايته      .  
وإذا سافر القاضي عن بلد ولايته ، وكتب كتابا بحكم إلى قاض آخر لم يكن للمكاتب أن يقبل كتاب الكاتب ؛ لأن كتابه حكم ، وحكمه لا ينفذ في غير عمله .  
ولو كتبه الكاتب وهو في عمله فوصل إلى المكاتب وهو في غير عمله ، لم يكن له أن يقبله ؛ لأن قبوله حكم ، وحكمه في غير عمله لا ينفذ .  
ولو أن قاضيين اجتمعا في غير عملهما ، مثل قاضي  البصرة   وقاضي  الكوفة   إذا اجتمعا  ببغداد   لم يكن لأحدهما أن يؤدي إلى الآخر ما حكم به ، ولا أن يقبل منه ما حكم به ، لأن الأداء والقبول حكم لا يصح منهما في غير عملهما .  
ولو أنهما اجتمعا في بلد أحدهما مثل قاضي  البصرة   وقاضي  الكوفة   إذا اجتمعا في  البصرة   ، فأدى كل واحد منهما إلى الآخر ما حكم به ، لم يجز لقاضي  البصرة   أن يحكم بما أداه إليه قاضي  الكوفة      .  
لأنه أداه في غير عمله ، وأداؤه حكم وليس بشهادة لأمرين :  
أحدهما : أن قوله وحده مقبول ، والشهادة لا تقبل إلا من اثنين .  
والثاني : أنه يخبر بفعل نفسه ، ولا تقبل شهادة الشاهد على فعل نفسه .  
فأما ما أداه قاضي  البصرة   إلى قاضي  الكوفة   فأداؤه مقبول ؛ لأنه يؤديه في غير عمله .  
 [ ص: 234 ] ويصير قاضي  الكوفة   بسماعه منه عالما به ، وليس بحاكم فيه ؛ لأنه في غير عمله .  
فإذا صار إلى عمله ففي جواز حكمه به قولان ، كالقاضي في جواز حكمه بعمله ، والله أعلم .  
				
						
						
