حضور الخصم قبل نفوذ الحكم واطراده جرح الشهود      .  
مسألة : قال  الشافعي      : " وينبغي إذا حضر أن يقرأ عليه ما شهدوا به عليه وينسخه أسماءهم وأنسابهم ويطرده جرحهم فإن لم يأت به حكم عليه " .  
قال  الماوردي      : اختلف أصحابنا في تأويل هذه المسألة ، فذهب بعضهم إلى أنها مصورة في  حاضر سمعت البينة عليه قبل جوابه عن الدعوى   ، وهذا قول من أجاز ذلك منهم ، فإذا حضر مجلس الحكم بعد سماع البينة عليه أعلمه القاضي أسماء الشهود ، وأطرده جرحهم ، فإن أثبت ما يوجب سقوط شهادتهم أسقطها ، وإلا حكم بها وأمضاها .  
وقال آخرون بل هي مصورة في  غائب سمعت عليه البينة ثم قدم قبل نفوذ الحكم      [ ص: 318 ] بها   فيعلمه القاضي ما ثبت عنده بالبينة ويعرفه أسماء الشهود وأنسابهم ، ويطرده جرحهم ، وهذا قول من منع من سماع البينة على الحاضر قبل جوابه عن الدعوى .  
وفي قول  الشافعي      : ويطرده جرحهم ، تأويلان متضادان :  
أحدهما : معناه يمهله ويؤخره ، حتى يقيم بينة بجرحهم .  
والثاني : بل معناه يضيق عليه ولا يؤخره .  
وعلى كلا التأويلين لا بد أن يمهله قدر ما يمكنه إقامة البينة الحاضرة بجرحهم ولا يزيده على ثلاثة أيام ؛ لتطاول الزمان بما زاد عليها ويجتهد رأيه فيما دون الثلاث بحسب الحال وعظم البلد وصغره .  
فإذا قدر له مدة أنظره بها فلم يأت فيها بالبينة على الجرح أنفذ الحكم عليه بالشهادة .  
وإن أتى بالبينة في مدة إنظاره بجرح الشهود بعد ثبوت عدالتهم سأل شهود الجرح عن زمانه ، فإنه لا يخلو جوابهم من ثلاثة أحوال :  
إحداها : أن يشهدوا بجرحهم في زمان شهادتهم فهذا موجب لإسقاطها ، وإبطال الحكم بها ، لأن بينة الجرح أثبت من بينة التعديل ، سواء كان القاضي قد أنفذ الحكم بشهادتهم أو لم ينفذ .  
والحال الثانية : أن يشهدوا بجرحهم قبل زمان شهادتهم ، فهذا على ضربين :  
أحدهما : أن يكون بين الزمانين من التطاول ما يصلح فيه حال المجروح ، فلا يوجب سقوط شهادتهم وتكون بينة التعديل أولى .  
والضرب الثاني : أن يقصر ما بين الزمانين عن أن يصلح فيه حال المجروح ، فيجب سقوط شهادتهم وتكون بينة الجرح أولى .  
والحال الثالثة : أن يشهدوا بجرحهم بعد زمان شهادتهم ، فهذا على ضربين :  
أحدهما : أن يكون الجرح بعد نفوذ الحكم بشهادتهم ، فلا يؤثر فيه ما حدث بعده من جرحهم .  
والضرب الثاني : أن يكون الجرح بعد شهادتهم وقبل نفوذ الحكم بها ، فيتوقف عن إنفاذ الحكم بشهادة مجروحين .  
فأما إن ادعى المشهود عليه قضاء الدين كان تصديقا للشهادة فلم تسمع منه بينة الجرح ، وطولب بالبينة على القضاء .  
فإن أقامها ، سقط الحق عنه ، وإن عدمها أحلف الشهود له وحكم له بالحق .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					