[ ص: 92 ] فصل 
في الوقوف وما يتعلق به 
له مقدمة . 
فيستحب للإمام إذا لم يحضر بنفسه الحج أن ينصب أميرا على الحجيج  ، فيطيعونه فيما ينوبهم . ويستحب للحجيج أن يدخلوا مكة  قبل الوقوف . فمن كان منهم مفردا أو قارنا ، أقام بعد طواف القدوم على إحرامه إلى أن يخرج إلى عرفة    . ومن كان متمتعا طاف وسعى وحلق ، فيحل من عمرته ، ثم يهل بالحج من مكة  على ما سبق في صورة التمتع ، وكذا يفعل المقيم بمكة    . ويستحب للإمام أو منصوبه أن يخطب بمكة  في اليوم السابع من ذي الحجة بعد صلاة الظهر خطبة واحدة ، يأمر الناس بالغدو فيها إلى منى  ، ويخبرهم بما بين أيديهم من المناسك ، ويأمر المتمتعين أن يطوفوا للوداع قبل الخروج . ولو كان السابع يوم جمعة ، خطب لها وصلاها ، ثم خطب هذه الخطبة ؛ لأن السنة فيها التأخير عن الصلاة . ثم يخرج بهم في اليوم الثامن ، وهو يوم التروية إلى منى  ، ويكون خروجهم بعد صلاة الصبح ، بحيث يصلون الظهر بمنى  ، هذا هو المشهور . 
وفي قول : يصلون الظهر بمكة  ، ثم يخرجون ، فإن كان يوم التروية يوم جمعة ، استحب أن يخرجوا قبل طلوع الفجر ؛ لأن السفر يوم الجمعة إلى حيث لا تصلى الجمعة حرام أو مكروه كما سبق ، وهم لا يصلون الجمعة بمنى    . وكذا لو كان يوم عرفة  يوم جمعة ، لا يصلونها ، لأن الجمعة شرطها دار الإقامة . قال   الشافعي     - رضي الله عنه - : فإن بني بها قرية ، واستوطنها أربعون من أهل الكمال ، أقاموا الجمعة والناس معهم . فإذا خرجوا إلى منى  ، صلوا بها الصلوات مع الإمام ، وباتوا بها . وهذا المبيت سنة ، وليس بنسك مجبور بالدم . فإذا طلعت الشمس يوم عرفة  على ثبير ساروا إلى   [ ص: 93 ] عرفات    . فإذا وصلوا نمرة  ، ضربت بها قبة الإمام ، فإذا زالت الشمس ، ذهب الإمام والناس [ إلى ] مسجد إبراهيم    - صلى الله عليه وسلم - فيخطب فيه الإمام خطبتين ، يبين لهم في الأولى ما بين أيديهم من المناسك ، ويحرضهم على إكثار الدعاء والتهليل بالموقف ، ويخفف هذه الخطبة ، لكن لا يبلغ تخفيفها تخفيف الثانية . وإذا فرغ منها ، جلس بقدر سورة ( الإخلاص ) ثم يقوم إلى الخطبة الثانية ، ويأخذ المؤذن في الأذان ، ويخفف الخطبة بحيث يفرغ منها مع فراغ المؤذن من الإقامة . 
وقيل : مع فراغه من الأذان . 
قلت : الأصح : مع فراغه من الأذان ، وبه قطع الجمهور . - والله أعلم - . 
ثم ينزل فيصلي بالناس الظهر ، ثم يقيم المؤذن فيصلي بهم العصر جمعا . فإن كان الإمام مسافرا ، فالسنة له القصر ، ولا يقصر المكيون والمقيمون حولها . فإذا سلم الإمام قال : أتموا يا أهل مكة  ، فإنا قوم سفر . وهل يختص الجمع بالمسافرين من الحجيج ، أم يجوز لغيرهم ؟ فيه كلام تقدم في صلاة المسافر . وأشار جماعة : إلى أنه يخطب ويصلي بنمرة    . وصرح الجمهور : بأنه يخطب ويصلي بمسجد إبراهيم    - صلى الله عليه وسلم - كما سبق . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					