النوع الثالث : في ضلالها ، وفيه مسائل . 
إحداها : إذا ضل هديه ، أو ضحيته المتطوع بها  ، لم يلزمه شيء . 
قلت : لكن يستحب ذبحها إذا وجدها ، والتصدق بها . ممن نص عليه  القاضي أبو حامد     . فإن ذبحها بعد أيام التشريق ، كانت شاة لحم يتصدق بها . والله أعلم . 
الثانية : الهدي الملتزم معينا ، يتعين ابتداء ، إذا ضل بغير تقصيره ، لم يلزمه ضمانه ، فإن وجده ، ذبحه . والأضحية ، إن وجدها في وقت التضحية ، ذبحها ، وإن وجدها بعد الوقت ، فله ذبحها قضاء ، ولا يلزمه الصبر إلى قابل . وإذا ذبحها ، صرف لحمها مصارف الضحايا . وفي وجه   لابن أبي هريرة     : يصرفه إلى المساكين فقط ، ولا يأكل ، ولا يدخر ، وهو شاذ ضعيف . 
الثالثة : مهما كان الضلال بغير تقصيره ، لم يلزمه الطلب إن كان فيه مؤنة ، فإن لم تكن ، لزمه . وإن كان بتقصيره ، لزمه الطلب . فإن لم يجد ، لزمه الضمان . فإن علم أنه لا يجدها في أيام التشريق ، لزمه ذبح بدلها في أيام التشريق . وتأخير الذبح إلى مضي أيام التشريق بلا عذر ، تقصير يوجب الضمان . وإن مضى بعض أيام التشريق ، ثم ضلت ، فهل هو تقصير ؟ وجهان . 
قلت : الأرجح : أنه ليس بتقصير ، كمن مات في أثناء وقت الصلاة الموسع ، لا يأثم على الأصح . والله أعلم . 
الرابعة : إذا عين هديا أو أضحية عما في ذمته ، فضلت المعينة ، قال الإمام :   [ ص: 220 ] هو كما لو تلفت هذه المعينة . وفي وجوب البدل ، وجهان . وذكرنا هناك حال هذا الخلاف ، وما في إطلاق لفظ البدل من التوسع . وقال الجمهور : يلزم إخراج البدل الملتزم . فإن ذبح واحدة عما عليه ، ثم وجد الضالة ، فهل يلزم ذبحها ؟ وجهان . وقيل : قولان . أصحهما في " التهذيب " : لا يلزمه ، بل يتملكها كما سبق فيما لو تعيبت . والثاني : يلزمه ، وقطع به في " الشامل " ، لإزالة ملكه بالتعيين ، ولم يخرج عن صفة الإجزاء ، بخلاف المعيبة . فلو عين عن الضالة واحدة ، ثم وجدها قبل ذبح البدل ، فأربعة أوجه . أحدها : يلزمه ذبحهما معا . والثاني : يلزمه ذبح البدل فقط . والثالث : ذبح الأول فقط . والرابع : يتخير فيهما . 
قلت : الأصح : الثالث . والله أعلم . 
فرع 
لو عين شاة عن أضحية في ذمته ، وقلنا : تتعين ، فضحى بأخرى عما في ذمته  ، قال الإمام : يخرج على أن المعينة لو تلفت ، هل تبرأ ذمته ؟ إن قلنا : نعم ، لم تقع الثانية عما عليه ، كما لو قال : جعلت هذه أضحية ، ثم ذبح بدلها . وإن قلنا : لا ، وهو الأصح ، ففي وقوع الثانية عما عليه تردد . فإن قلنا : تقع عنه ، فهل تنفك الأولى عن الاستحقاق ؟ فيه الخلاف السابق . 
فرع 
لو عين من عليه كفارة عبدا عنها ، ففي تعيينه خلاف ، وقطع   الشيخ أبو حامد  بالتعيين . 
 [ ص: 221 ] قلت : الأصح : التعيين . والله أعلم . 
فإن تعيب المعين ، لزمه إعتاق سليم . ولو مات المعين ، بقيت ذمته مشغولة بالكفارة . وإن أعتق عبدا أجزأ عن كفارته مع التمكن من إعتاق المعين ، فالظاهر : براءة ذمته . قوله : الظاهر ، أي : من الوجهين . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					