الشرط الثالث : أن يكون المبيع مملوكا لمن يقع العقد له    . فإن باشر العقد لنفسه ، فليكن له ، وإن باشره لغيره بولاية أو وكالة ، فليكن لذلك الغير . فلو باع مال غيره بلا إذن ولا ولاية  ، فقولان . الجديد : بطلانه . والقديم : أنه ينعقد موقوفا على إجازة المالك ، فإن أجاز ، نفذ ، وإلا ، لغا . ويجري القولان فيما لو زوج أمة غيره أو ابنته ، أو طلق منكوحته ، أو أعتق عبده ، أو أجر داره ، أو وهبها بغير إذنه . ولو اشترى الفضولي لغيره  ، نظر ، إن اشترى بعين مال الغير ، ففيه القولان ، وإن اشترى في الذمة ، نظر ، إن أطلق أو نوى كونه للغير ، فعلى الجديد : يقع للمباشر ، وعلى القديم : يقف على الإجازة ، فإن رد ،   [ ص: 356 ] نفذ في حق الفضولي . ولو قال : اشتريت لفلان بألف في ذمته  ، فهو كاشترائه بعين مال الغير . ولو اقتصر على قوله : اشتريت لفلان بألف ، ولم يضف الثمن إلى ذمته ، فعلى الجديد : وجهان . 
أحدهما : يلغو العقد ، والثاني : يقع عن المباشر . وعلى القديم : يقف على إجازة فلان ، فإن رد ، ففيه الوجهان . ولو اشترى شيئا لغيره بمال نفسه  ، نظر ، إن لم يسمه ، وقع العقد عن المباشر ، سواء أذن ذلك الغير ، أم لا . وإن سماه ، نظر ، إن لم يأذن له ، لغت التسمية . وهل يقع عنه ، أم يبطل ؟ وجهان . وإن أذن له ، فهل تلغو التسمية ؟ وجهان . فإن قلنا : نعم ، فهل يبطل من أصله ، أم يقع عن المباشر ؟ فيه الوجهان . وإن قلنا : لا ، وقع عن الآذن . وهل يكون الثمن المدفوع قرضا ، أم هبة ؟ وجهان . قال الشيخ  أبو محمد     : وحيث قلنا بالقديم ، فشرطه أن يكون للعقد مجيز في الحال ، مالكا كان أو غيره . حتى لو أعتق عبد الطفل ، أو طلق امرأته ، لا يتوقف على إجازته بعد البلوغ  ، والمعتبر إجازة من يملك التصرف عند العقد . حتى لو باع مال الطفل ، فبلغ وأجاز  ، لم ينفذ ، وكذا لو باع مال الغير ، ثم ملكه وأجاز  ، قال إمام الحرمين : لم يعرف العراقيون هذا القول القديم ، وقطعوا بالبطلان . 
قلت : قد ذكر هذا القديم من العراقيين ،  المحاملي  في " اللباب " ،  والشاشي  ، وصاحب " البيان " ، ونص عليه في "   البويطي     " ، وهو قوي ، وإن كان الأظهر عند الأصحاب هو الجديد . والله أعلم . 
فرع   : 
لو غصب أموالا وباعها وتصرف في أثمانها مرة بعد أخرى  ، فقولان . أظهرهما : بطلان الجميع . والثاني : للمالك أن يجيزها ويأخذ الحاصل منها ، لعسر تتبعها بالإبطال . 
 [ ص: 357 ] فرع   : 
لو باع مال أبيه على ظن أنه حي وهو فضولي ، فبان ميتا حينئذ ، وأنه ملك العاقد  ، فقولان . أظهرهما : أن البيع صحيح ، لصدوره من مالك . والثاني : البطلان ؛ لأنه في معنى المعلق بموته ، ولأنه كالغائب . ولا يبعد تشبيه هذا الخلاف ببيع الهازل - هل ينعقد ؟ فيه وجهان - وبالخلاف في بيع التلجئة . وصورته : أن يخاف غصب ماله ، أو الإكراه على بيعه ، فيبيعه لإنسان بيعا مطلقا . وقد توافقا قبله على أنه لدفع الشر ، لا على حقيقة البيع . والصحيح : صحته . ويجري الخلاف فيما لو باع العبد على ظن أنه آبق أو مكاتب ، فبان أنه قد رجع ، وفسخ الكتابة    . ويجري فيمن زوج أمة أبيه على ظن أنه حي ، فبان ميتا ، هل يصح النكاح ؟ فإن صححنا ، فقد نقلوا وجهين فيمن قال : إن مات أبي فقد زوجتك هذه الجارية . 
فرع   : 
القولان في أصل بيع الفضولي ، وفي الفرعين بعده يعبر عنهما بقولي وقف العقود . وحيث قالوا : فيه قولا وقف العقود ، أرادوا هذين القولين . وسميا بذلك ؛ لأن الخلاف آيل إلى أن العقد ، هل ينعقد على التوقف ، أم لا بل يكون باطلا ؟ ثم ذكر الإمام : أن الصحة على قول الوقف ناجزة ، لكن الملك لا يحصل إلا عند الإجازة . قال : ويطرد الوقف في كل عقد يقبل الاستنابة ، كالبيوع ، والإجارات ، والهبات ، والعتق ، والطلاق ، والنكاح ، وغيرها . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					