عندنا وقال ولا خيار للغلام والجارية إذا اختلف الأبوان فيهما قبل [ ص: 44 ] البلوغ يخير الغلام إذا عقل التخيير واحتج بما روي عن الشافعي رضي الله عنه أن امرأة أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : زوجي يريد أن ينتزع ابنه مني وإنه قد نفعني وسقاني من بئر أبي هريرة أبي عنبة فقال { } ولأن في هذا نظر للصغير ; لأنه يحتاج الأشفق ولنا ما روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال للأم { استهما عليه فقال الرجل : من يشاقني في ابني فقال النبي صلى الله عليه وسلم للغلام اختر أيهما شئت فاختار أمه فأعطاها إياه } ولأن تخيير الصبي ليس بحكمة ; لأنه لغلبة هواه يميل إلى اللذة الحاضرة من الفراغ والكسل والهرب من الكتاب وتعلم آداب النفس ومعالم الدين فيختار شر الأبوين وهو الذي يهمله ولا يؤدبه . أنت أحق به ما لم تنكحي ولم يخير
وأما حديث رضي الله عنه فالمراد منه التخيير في حق البالغ ; لأنها قالت : نفعني وسقاني من أبي هريرة بئر أبي عنبة ، ومعنى قولها : نفعني أي : كسب علي والبالغ هو الذي يقدر على الكسب وقد قيل : إن بئر أبي عنبة بالمدينة لا يمكن الصغير الاستقاء منه فدل على أن المراد منه التخيير في حق البالغ ونحن به نقول : إن الصبي إذا بلغ يخير والدليل عليه ما روي عن عمارة بن ربيعة المخزومي أنه قال : غزا أبي البحرين فقتل فجاء عمي ليذهب بي فخاصمته أمي إلى رضي الله عنه ومعي أخ لي صغير فخيرني علي بن أبي طالب رضي الله عنه ثلاثا فاخترت أمي فأبى عمي أن يرضى فوكزه علي رضي الله عنه بيده وضربه بدرته وقال : لو بلغ هذا الصبي أيضا خير فهذا يدل على أن التخيير لا يكون إلا بعد البلوغ . علي