فأما إذا فإن كان قبل قضاء القاضي بالقطع سقط القطع عنه لانقطاع خصومته ، وإن كان بعد القضاء ، فكذلك عند وهب المسروق منه المال من السارق أو باعه منه أبي حنيفة رحمهما الله تعالى وعن ومحمد رحمه الله تعالى إنه لا يسقط القطع عنه ، وهو قول أبي يوسف رحمه الله وحجتهما حديث الشافعي صفوان رضي الله عنه { مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم متوسدا بردائه فجاء سارق وسرق رداءه فاتبعه حتى أخذه فجاء به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر بقطعه فقال : أتقطعه بسبب ردائي ؟ وهبتها له ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هلا قبل أن تأتيني } فهذا يدل على أن الهبة بعد القضاء لا تسقط القطع ، ولأن هذا حد الله تعالى خالصا ، فإذا وجب بتقرر سببه لا يمتنع استيفاؤه لملك عارض في المحل كحد الزنا ، فإن من زنى بامرأة ثم تزوجها لم يسقط الحد عنه ، وهذا ; لأن [ ص: 187 ] وجوب القطع باعتبار الملك والعصمة وقت السرقة والهبة توجب ملكا حادثا ، ولا أثر لها فيما وجب القطع باعتباره بخلاف ما إذا فإنه كان نائما في ; لأن في إقراره احتمال الصدق وبهذا الاحتمال تبين أن الملك كان للسارق عند السرقة ، وذلك مانع تقرر فعل السرقة بخلاف ما إذا كانت الهبة قبل المرافعة ; لأن هناك لا يظهر عند الإمام لانقطاع حق المسروق منه ، فأما الآن ، فقد ظهرت السرقة عنده وتمكن من استيفاء القطع حقا لله تعالى فلا يمتنع الاستيفاء باعتراض الملك في المحل ، كما لا يمتنع الاستيفاء باعتراض الملك في الحرز أو برد المال بعد القضاء . أقر بالملك للسارق
( وحجتنا ) فيه أن انتفاء ملك السارق عن المسروق شرط لوجوب القطع عليه وما يكون شرطا لوجوب القطع عليه يراعى قيامه إلى وقت الاستيفاء ; لأن المعترض بعد القضاء قبل الاستيفاء كالمقترن بأصل السبب بدليل العمى والخرس والردة والفسق في الشهود ، والدليل عليه أن انتفاء الأبوة لما كان شرطا لوجوب القصاص يشترط بقاؤه إلى وقت الاستيفاء حتى أن المعترض من الأبوة بعد القضاء قبل الاستيفاء مانع من الاستيفاء كالمقترن بأصل السبب ، وهذا ; لأن وجوب القطع باعتبار العين والملك ، وإن كان حادثا هاهنا فالعين الذي وجد فعل السرقة فيه عين ذلك