وذكر عن رضي الله عنه قال { معاذ بن جبل اليمن بم تقضي يا قلت بما في كتاب الله تعالى قال عليه الصلاة والسلام فإن لم تجد ذلك في كتاب الله تعالى قلت أقضي بما قضى به رسول الله صلى الله عليه وسلم قال صلى الله عليه وسلم فإن لم تجد ذلك فيما قضى به قلت أجتهد رأيي فقال صلوات الله عليه وسلامه [ ص: 70 ] الحمد لله الذي وفق رسول رسوله معاذ } ، وفيه دليل على أن قال لي رسول الله حين بعثني إلى ينبغي له أن يجربه فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما فعل ذلك الإمام إذا أراد أن يقلد الإنسان القضاء رضي الله عنه مع أنه كان معصوما فغيره بذلك أولى فكان هذا منه على وجه التعليم لأمته ، ثم حمد الله تعالى حين ظهر من التجربة كما تفرس فيه وهكذا ينبغي للإمام إذا بلغه عن عامل له ما يرضى به أن يعد ذلك نعمة من نعم الله تعالى عليه فليقابلها بالشكر ، وفيه دليل جواز بمعاذ فيما لا نص فيه ، من العلماء رحمهم الله من يقول جواز العمل بالقياس والاجتهاد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وما كان يجوز ذلك في حياته ; لأن الوحي كان ينزل وهو كان يبين لهم ما كانوا يحتاجون إلى الاستنباط في ذلك الوقت والحكم يثبت بالنص مقطوعا به فلا يصار إليه في غير موضع الضرورة والصحيح عندنا إن كان ذلك جائزا لهم في حياته صلى الله عليه وسلم كما بعده وحديث اجتهاد الرأي والعمل بالقياس رضي الله عنه يدل عليه فإن لم ينكر عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله بين يديه أجتهد رأيي ولما { معاذ رضي الله عنه اقض بين هذين قال أقضي ، وأنت حاضر ، أو جالس قال صلى الله عليه وسلم على أنك إن اجتهدت فأصبت فلك أجران ، وإن أخطأت فلك أجر واحد لعمرو بن العاص } فقد جوز له صلى الله عليه وسلم الاجتهاد بحضرته . قال
وقد كان يشاورهم ( ألا ترى ) أنه شاورهم في أسارى بدر وأشار رضي الله عنه بالفداء وأخذ به رسول الله وشاور السعدين رضي الله عنهما يوم الأحزاب في صلح أبو بكر بني فزارة على بعض ثمار المدينة وأخذ بما أشارا به ولما أشار إليه في النزول عند الماء يوم أسيد بن حضير بدر أخذ برأيه في ذلك وكان صوابا وينبني على هذا الفصل الاختلاف بين العلماء رحمهم الله في أنه صلى الله عليه وسلم فمنهم من يقول كان ينتظر الوحي ، وما كان يفصل بالاجتهاد والصحيح عندنا أنه صلى الله عليه وسلم كان يجتهد ، وما كان يقر على الخطأ بيانه أنه { هل كان يجتهد فيما لم يوح إليه فيه لما شاور أبا بكر رضي الله عنهما في حادثة قال صلى الله عليه وسلم قولا فإني فيما لم يوح إلي مثلكما وعمر } . { } ، وهذا قول بالاجتهاد . وقال صلى الله عليه وسلم للخثعمية أرأيت لو كان على أبيك دين أكنت تقضيه فقالت نعم قال صلى الله عليه وسلم فدين الله أحق
وقال عليه السلام رضي الله عنه في القبلة { لعمر } . وقال صلى الله عليه وسلم في بيان حرمة الصدقة على أرأيت لو تمضمضت بماء ، ثم مججته أكان يضرك بني هاشم { } فهذا ونحوه دليل أنه كان يقضي باجتهاده ، وما كان يقر على الخطأ فقضاؤه يكون [ ص: 71 ] شريعة والخطأ لا يجوز أن يكون أصل الشريعة فعرفنا أنه ما كان يقر على الخطأ وبيان ذلك في قوله تعالى { أرأيت لو تمضمضت بماء أكنت شاربه عفى الله عنك لم أذنت لهم } الآية وعن رحمه الله قال إذا كان في القاضي خمس خصال فقد كمل ، وإن كان فيه أربع ولم يكن فيه واحدة ففيه وصمة ، وإن كان فيه ثلاث ولم يكن فيه اثنين ففيه وصمتان ، وهذا عبارة عن النقصان والوصم كسر يسير وفوقه القصم ونظيره القنص بالأنامل وفوقه القبض باليد وفوقه الأخذ وهو التناول قال فقال قائل ما هي يا أمير المؤمنين قال علم بما كان قبله وهو إشارة إلى ما بينا في حق المجتهد . عمر بن عبد العزيز