( ويجب ) لأن الإمام هو القائم بأمر الرعية المتكلم بمصلحتهم ، المسئول عنهم ، فيبعث القضاة إلى الأمصار لفعل النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة وللحاجة إلى ذلك لئلا يتوقف الأمر على السفر إلى الإمام فتضيع الحقوق لما في السفر إليه من المشقة وكلفة النفقة وبعث النبي صلى الله عليه وسلم قاضيا إلى على الإمام أن ينصب في كل إقليم قاضيا اليمن وولى عمر قاضيا شريحا للكوفة ، وكعب بن سور قضاء البصرة وغير ذلك .
والإقليم بكسر الهمزة أحد الأقاليم السبعة قال أبو منصور وليس بعربي محض ( و ) يجب على الإمام ( أن يختار لذلك أفضل من يجد علما وورعا ) لأن الإمام [ ص: 287 ] ينظر للمسلمين ، فيجب عليه اختيار الأصلح لهم ، فيختار أفضلهم علما ; لأن القضاء بالشرع فرع من العلم به ، والأفضل أثبت وأمكن ، وكذا من ورعه أشد لسكون النفس إلى ما يحكم به أعظم ( وإن لم يعرف ) الإمام الأفضل ( سأل عمن يصلح ) قال تعالى : { فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون } ( فإن ذكر له ) أي الإمام ( من لا يعرفه أحضره وسأله ) ليكون على بصيرة ولأنه ربما كان للمسئول غرض غير المطلوب وكانوا يمتحنون العمال بالفرائض ونحوها من الغوامض ( فإن عرف عدالته ) ولاه ( وإلا بحث عنها فإذا عرفها ولاه ) وإلا لم يوله إلا عند الضرورة كما يأتي ( ويأمره ) الإمام ( بتقوى الله وإيثار طاعته في سره وعلانيته و ) يأمره أيضا ( بتحري العدل والاجتهاد في إقامة الحق ) لأن ذلك تذكرة له بما يجب عليه فعله ، وإعانة له في إقامة الحق وتقوية لقلبه ، وتنبيهه على اعتناء الإمام بأمر الشرع وأهله .
( ويكتب ) الإمام ( له ) أي القاضي ( بذلك عهدا ) إذا كان غائبا عنه فيكتب له بأنه ولاه ، وأنه يأمره بتقوى الله إلخ .
( و ) يأمره ( أن يتخلف في كل صقع ) بضم الصاد أي ناحية ( أصلح من يقدر عليه ) لهما لأن في ذلك خروجا من الخلاف في جواز الاستخلاف وتنبيها على مصلحة رعية بلد القاضي وحثا له على اختيار الأصلح .