وإذا فقال أحدهما الذي عندي لفلان خاصة والذي عندك لفلان فقسمتهما باطلة ; لأن الوصيين في التصرف كوصي واحد والوصي الواحد لو قاسم نفسه لم تجز القسمة فكذلك الوصايا ، وهذا عند قسم الوصيان مال الورثة وأخذ كل واحد منهما طائفة أبي حنيفة ظاهر ; لأن كل واحد منهما لا يستبد بالتصرف عندهما وأما عند ومحمد فيستبد كل واحد منهما بالتصرف مع الأجنبي فإذا اجتمعا في تصرف كانا في ذلك كشخص واحد وقد اجتمعا في هذه القسمة فهما فيه كوصي واحد . أبي يوسف
ولو غاب أحد الوصيين فقاسم الآخر الورثة وأعطى الكبار حصتهم وأمسك حصة الصغير ، فإن [ ص: 36 ] ذلك لا يجوز في قول أبي حنيفة حتى إذا ضاعت حصة الصغير كان له أن يرجع فيما قبض الكبار بحصته وفي قول ومحمد تجوز هذه القسمة ، وهذا يقدم على ما سبق من بيع أحد الوصيين وشرائه لليتيم بدون رضا صاحبه ، وإذا كان للميت وديعة عند رجل فأمره الوصي أن يقرضها أو يهبها أو يسلفها فأمره باطل ; لأنه لا يملك مباشرة هذه التصرفات بنفسه فلا يعتبر أمره به ويكون الضمان على الذي فعل ذلك ; لأنه هو المستهلك للمال بدفعه إلى الغير على وجه التمليك منه ، وإن أمره أن يدفعها إلى رجل فدفعها إليه جاز وبرئ منها ; لأن الوصي بهذا يصير موكلا للقابض بالقبض ، وهو يملك القبض بنفسه فيملك أن يوكل غيره . أبي يوسف
يوضحه أنه لو قبض بنفسه ودفعه إلى هذا الرجل وديعة كان ذلك صحيحا منه فكذلك إذا أمر من في يده بأن يدفعه إليه .
ولو أمره الوصي بأن يعمل بالمال مضاربة أو يشتري به متاعا كان ذلك جائزا ; لأن هذا تصرف يملك الوصي مباشرته بنفسه فيعتبر أمره فيه ويكون بمنزلة شراء الصبي بعد بلوغه والله أعلم .