الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        [ ص: 539 ] الخامس : اختلف في رواية بعض الحديث الواحد دون بعض ، فمنعه بعضهم مطلقا بناء على منع الرواية بالمعنى ، ومنعه بعضهم مع تجويزها بالمعنى إذا لم يكن رواه هو أو غيره بتمامه قبل هذا ، وجوزه بعضهم مطلقا .

        والصحيح التفصيل ، وجوازه من العارف إذا كان ما تركه غير متعلق بما رواه بحيث لا يختل البيان ولا تختلف الدلالة بتركه ، وسواء جوزناها بالمعنى أم لا ، رواه قبل تاما أم لا . هذا إن ارتفعت منزلته عن التهمة ، فأما من رواه تاما فخاف إن رواه ثانيا ناقصا أن يتهم بزيادة أولا أو نسيان لغفلة وقلة ضبط ثانيا فلا يجوز له النقصان ثانيا ولا ابتداء إن تعين عليه ، وأما تقطيع المصنف الحديث في الأبواب فهو إلى الجواز أقرب .

        قال الشيخ : ولا يخلو من كراهة ، وما أظنه يوافق عليه .

        التالي السابق


        ( الخامس : اختلف العلماء في رواية بعض الحديث الواحد دون بعض ) وهو المسمى باختصار الحديث ( فمنعه بعضهم مطلقا بناء على منع الرواية بالمعنى ، ومنعه بعضهم مع تجويزها بالمعنى إذا لم يكن رواه هو أو غيره بتمامه قبل هذا ) وإن رواه هو مرة أخرى أو غيره على التمام جاز ( وجوزه بعضهم مطلقا ) .

        قيل : وينبغي تقييده بما إذا لم يكن المحذوف متعلقا بالمأتي به ، تعلقا يخل بالمعنى حذفه ، كالاستثناء والشرط والغاية ونحو ذلك ، والأمر كذلك ، فقد حكى الصفي الهندي الاتفاق على المنع حينئذ .

        ( والصحيح التفصيل ) وهو المنع من غير العالم ( وجوازه من العارف إذا كان ما تركه ) متميزا عما نقله ( غير متعلق بما رواه ، بحيث لا يختل البيان ولا تختلف الدلالة ) فيما نقله ( بتركه ، و ) على هذا يجوز ذلك ( سواء جوزناها بالمعنى ، أم [ ص: 540 ] لا ) سواء ( رواه قبل تاما أم لا ) ; لأن ذلك بمنزلة خبرين منفصلين .

        وقد روى البيهقي في " المدخل " عن ابن المبارك قال : علمنا سفيان اختصار الحديث .

        ( هذا إن ارتفعت منزلته عن التهمة ، فأما من رواه ) مرة ( تاما فخاف إن رواه ثانيا ناقصا أن يتهم بزيادة ) فيما رواه ( أولا أو نسيان لغفلة وقلة ضبط ) فيما رواه ( ثانيا فلا يجوز له النقصان ثانيا ولا ابتداء إن تعين عليه ) أداء تمامه ، لئلا يخرج بذلك باقيه عن الاحتجاج به .

        قال سليم : فإن رواه أولا ناقصا ثم أراد روايته تاما ، وكان ممن يتهم بالزيادة كان ذلك عذرا له في تركها وكتمانها .

        ( وأما تقطيع المصنف الحديث ) الواحد ( في الأبواب ) بحسب الاحتجاج به في المسائل كل مسألة على حدة ( فهو إلى الجواز أقرب ) ومن المنع أبعد .

        ( قال الشيخ ) ابن الصلاح : ( ولا يخلو من كراهة ) ، وعن أحمد : ينبغي أن لا يفعل ، حكاه عنه الخلال .

        قال المصنف : ( وما أظنه يوافق عليه ) فقد فعله الأئمة مالك ، والبخاري ، وأبو [ ص: 541 ] داود ، والنسائي ، وغيرهم .

        تنبيه :

        قال البلقيني : يجوز حذف زيادة مشكوك فيها بلا خلاف ، وكان مالك يفعله كثيرا تورعا ، بل كان يقطع إسناد الحديث إذا شك في وصله .

        قال : ومحل ذلك زيادة لا تعلق للمذكور بها ، فإن تعلق ذكرها مع الشك ، كحديث العرايا في خمسة أوسق أو دون خمسة أوسق .

        فائدة :

        يجوز في كتابة الأطراف الاكتفاء ببعض الحديث مطلقا ، وإن لم يفد .




        الخدمات العلمية