الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر عدة حوادث

في هذه السنة قتل رجل من أصحاب مساور الشاري محمد بن هارون بن المعمر ، رآه وهو يريد سامرا ، فقتله ، وحمل رأسه إلى مساور ، فطلبت ربيعة بثأره ، فندب مسرور البلخي ، وغيره إلى أخذ الطرق على مساور .

وفيها اشتد الغلاء في عامة بلاد الإسلام ، فانجلى من أهل مكة كثير ، ورحل عنها عاملها ، وهو برية ، وبلغ الكر [ من ] الحنطة ببغداذ عشرين ومائة دينار ، ودام ذلك شهورا .

وفيها قتلت الأعراب منجورا والي حمص ، واستعمل عليها بكتمر .

وفيها قتل العلاء بن أحمد الأزدي عامل أذربيجان ، وكان سبب قتله أنه فلج ، فاستعمل الخليفة مكانه أبا الرديني عمر بن علي ، فلما قاربها خرج إليه العلاء ، فتحاربا ، فقتل العلاء ، وانهزم أصحابه ، وأخذ أبو الرديني ما خلفه العلاء ، وكان مبلغه ألفي ألف وسبعمائة ألف درهم .

وحج بالناس إبراهيم بن محمد بن إسماعيل المعروف ببرية ، وهو أمير مكة .

وفيها ظهر بمصر إنسان يكنى أبا روح ، واسمه سكن ، وكان من أصحاب ابن الصوفي ، واجتمع له جماعة ، فقطع الطريق ، وأخاف السبيل ، فوجه إليه ابن طولون [ ص: 319 ] جيشا ، فوقف أبو روح في أرض كثيرة الشقوق ، وقد كان بها قمح فحصد ، وبقي من تبنه على الأرض ما يستر الشقوق ، وقد ألفوا المشي على مثل هذه الأرض .

فلما جاءهم الجيش لقوهم ، ثم انهزم أصحاب أبي روح ، فتبعهم عسكر ابن طولون ، فوقعت حوافر خيولهم في تلك الشقوق ، فسقط كثير من فرسانها عنها ، وتراجع أصحاب أبي روح عليهم فقتلوهم شر قتلة وانهزم الباقون أسوأ هزيمة .

فسير أحمد جيشا إلى طريقهم إلى الواحات ، وجيشا في طلبه ، فلقيه الجيش الذي في طلبه وقد تحصن في تلك الأرض ، فحذرها عسكر أحمد ، فحين بطلت حيلهم انهزم ، وتبعهم العسكر ، فلما خرجوا إلى طريق الواحات رأى أبو روح الطريق قد ملكت عليه ، فراسل يطلب الأمان ، فبذل له ، وبطلت الحرب ، وكفي المسلمون شره .

التالي السابق


الخدمات العلمية