الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ويثبت ) الإجماع . وهو كون هذا الحكم مجمعا عليه ( بخبر الواحد ) لأن هذه المسألة شرعية طريقها طريق بقية مسائل الفروع التي يكفي في ثبوتها الظن ( ولا يعتبر فيه ) أي في انعقاد الإجماع ( وفاق العامة ) للمجتهدين ، سواء كانت مسائله مشهورة أو خفية . واعتبره قوم مطلقا ، وقوم في المسائل المشهورة ( ولا ) يعتبر أيضا في انعقاده وفاق ( من عرف الحديث ) من غير المجتهدين ( أو ) عرف ( اللغة ، أو ) علم ( الكلام ونحوه ) كالعربية والمعاني والبيان والتصريف ( أو ) من عرف ( الفقه ) فقط في مسألة في أصوله ( أو ) من عرف ( أصوله ) فقط في مسألة في الفقه ; لأن هؤلاء من جملة المقلدين ، فلا تعتبر مخالفتهم . وهذا الصحيح عند الإمام أحمد رضي الله عنه . وعند أكثر العلماء . وقيل : باعتبار وفاق كل من الفقهاء والأصوليين لما في كل من الطائفتين من الأهلية المناسبة للفئتين لتلازم العلمين . وقيل : يعتبر قول الأصولي في الفقه دون الفروعي في الأصول ; لأنه أقرب إلى مقصود الاجتهاد دون عكسه ، [ ص: 229 ] اختاره الباقلاني . قال أبو المعالي : وهو الحق ، وقيل عكسه . والله أعلم . وكذا لا يعتبر أيضا لانعقاد الإجماع وفاق من فاته بعض شروط الاجتهاد ، وهو المشار إليه بقوله ( أو فاته بعض شروطه ) لأنه ليس من المجتهدين . ومعناه لابن عقيل وغيره . قال المجد : من أحكم أكثر أدوات الاجتهاد ، ولم يبق له إلا خصلة أو خصلتان ، اتفق الفقهاء ، والمتكلمون على أنه لا يعتد بخلافه ، خلافا للباقلاني ( ولا ) يعتبر أيضا في انعقاد الإجماع وفاق مجتهد ( كافر ) مطلقا . أما الكافر الأصلي والمرتد فبلا خلاف ، وأما المكفر بارتكاب ( بدعة ) فلا يعتبر وفاقه ( عند مكفره ) بارتكاب تلك البدعة . وأما من لا يكفره فهو عنده من المبتدعة المحكوم بفسقهم . قال الأستاذ أبو منصور ، قال أهل السنة : لا يعتبر في الإجماع وفاق القدرية والخوارج والرافضة ( ولا ) يعتبر أيضا في الإجماع وفاق مجتهد ( فاسق مطلقا ) أي سواء كان فسقه من جهة الاعتقاد أو الأفعال . فالاعتقاد كالرفض والاعتزال ونحوهما . والأفعال كالزنا والسرقة وشرب الخمر ونحو ذلك .

وهذا هو الصحيح . اختاره القاضي وابن عقيل والأكثر . قال أبو بكر الرازي من الحنفية : هذا الصحيح عندنا . قال ابن برهان : هو قول كافة الفقهاء ، والمتكلمين ; لأنه لا يقبل قوله ، ولا يقلد في فتوى ، كالكافر والصغير . وقيل : إن ذكر مستندا صالحا اعتد بقوله وإلا فلا . فإذا بين مأخذه وكان صالحا للأخذ به اعتبرناه . قال ابن السمعاني : ولا بأس بهذا القول . وهذا كله في الفاسق بلا تأويل . أما الفاسق بتأويل فمعتبر في الإجماع كالعدل . انتهى

التالي السابق


الخدمات العلمية