الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              مسألة إذا دار الاسم بين معناه اللغوي ومعناه الشرعي كالصوم والصلاة

              قال القاضي : هو مجمل ; لأن الرسول عليه السلام يناطق العرب بلغتهم كما يناطقهم بعرف شرعه . ولعل هذا منه تفريع على مذهب من يثبت الأسامي الشرعية ، وإلا فهو منكر للأسامي الشرعية .

              وهذا فيه نظر ; لأن غالب عادة الشارع استعمال هذه الأسامي على عرف الشرع [ ص: 190 ] لبيان الأحكام الشرعية ، وإن كان أيضا كثيرا ما يطلق على الوضع اللغوي ، كقوله صلى الله عليه وسلم : { دعي الصلاة أيام أقرائك } ومن باع حرا أو من باع خمرا فحكمه كذا ، وإن كانت الصلاة في حالة الحيض وبيع الخمر والحر لا يتصور إلا بموجب الوضع فأما الشرعي فلا . ومثال هذه المسألة قوله : صلى الله عليه وسلم حيث لم يقدم إليه غداء : { إني إذا أصوم } فإنه إن حمل على الصوم الشرعي دل على جواز النية نهارا ، وإن حمل على الإمساك لم يدل وقوله صلى الله عليه وسلم : { لا تصوموا يوم النحر } إن حمل على الإمساك الشرعي دل على انعقاده ، إذ لولا إمكانه لما قيل له لا تفعل ، إذ لا يقال للأعمى لا تبصر ، وإن حمل على الصوم الحسي لم ينشأ منه دليل على الانعقاد . وقد قال الشافعي لو حلف أن لا يبيع الخمر لا يحنث ببيعه ; لأن البيع الشرعي لا يتصور فيه وقال المزني : يحنث ; لأن القرينة تدل على أنه أراد البيع اللغوي . والمختار عندنا أن ما ورد في الإثبات والأمر فهو للمعنى الشرعي وما ورد في النهي كقوله : { دعي الصلاة } فهو مجمل .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية