الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ويمتنع استدلال به ) أي بالتواتر ( على من لم يحصل له به علم ) يعني أنه لو حصل التواتر عند جماعة ولم يحصل عند آخرين ، امتنع الاستدلال بالتواتر عند من حصل له على من لم يحصل له العلم به ; لأنه يقول : ما تدعيه من التواتر غير مسلم فلا أسمعه ; لأنه ليس بمتواتر عندي ( و ) يمتنع ( كتمان أهله ) أي أهل التواتر ( ما ) أي شيئا ( يحتاج إلى نقله ك ) امتناع ( كذب على عددهم ) أي عدد الحاصل العلم بهم في التواتر ( عادة ) أي في العادة . وهاهنا مسألتان ، الأولى : امتناع كتمان أهل التواتر ما يحتاج إلى نقله ، خلافا للرافضة ، حيث قالوا : لا يمتنع ذلك ، لاعتقادهم كتمان النص على إمامة علي رضي الله عنه . وهذا [ ص: 262 ] لا يعتقده مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر ، أن يكون خير القرون الذين رضي الله عنهم وشهد لهم نبيهم صلى الله عليه وسلم بالجنة ، وقد أخبر الله سبحانه وتعالى في كتابه عنهم بأنه رضي عنهم ، يعلمون أن الإمامة يستحقها علي رضي الله عنه ، ويكتمون ذلك فيما بينهم ويولون غيره . وهذا من أمحل المحال الذي لا يرتاب فيه مسلم . ولكن هذا من بهت الرافضة عليهم من الله تعالى ما يستحقون ، ولأن هذا في القبح كتواطئهم على الكذب ، وهو محال . المسألة الثانية : امتناع الكذب على عدد التواتر عادة ، وهو ممنوع في العادة ، وإن كان لا يحيله العقل . وهذا مأخذ المسألة المتقدمة في جواز ما يحتاج إلى نقله ; لأنه إذا جاز الكذب فالكتمان أولى . والأصح عدم جوازه عادة لا لذاته ، ولا يلزم من فرض وقوعه محال ( ولا يشترط إسلامهم ) أي إسلام العدد المشروط في التواتر . واشترط ابن عبدان من الشافعية الإسلام والعدالة أيضا . لأن الكفر والفسوق عرضة للكذب والتحريف . وأيضا لو لم يشترط ذلك ، لأفاد إخبار النصارى بقتل المسيح ، وهو باطل بقوله تعالى وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم " وبالإجماع . وأجيب : بمنع حصول شرط التواتر للاختلال في الطبقة الأولى ، لكونهم لم يبلغوا عدد التواتر ، ولأنهم رأوه من بعيد أو بعد صلبه ، فشبه لهم . وللاختلال في الوسط بقصور الناقلين عن عدد التواتر أو في شيء مما بينهم وبين الناقلين إلينا من عدد التواتر ; لأن بخت نصر قد قتل النصارى حتى لم يبق منهم إلا دون عدد التواتر . وكذا الجواب عن إخبار الإمامية بالنص على إمامة علي رضي الله عنه ( ولو طال الزمن ) بين وقوع المخبر به وبين الإخبار ( ولا ) يشترط أيضا ( أن لا يحويهم بلد ولا يحصيهم عدد ) قال ابن مفلح : وشرط طوائف من الفقهاء أن لا يحويهم بلد ولا يحصيهم عدد ، وهو باطل . لأن أهل الجامع لو أخبروا عن سقوط المؤذن من المنارة ، أو الخطيب عن المنبر ، لكان إخبارهم مفيدا للعلم فضلا عن أهل بلد ( ولا ) يشترط أيضا فيهم ( اختلاف نسب و ) لا اختلاف ( دين و ) لا اختلاف ( وطن ) قال ابن مفلح : وشرط قوم [ ص: 263 ] اختلاف النسب والدين والوطن لتندفع التهمة ، وهو أيضا باطل ; لأن التهمة لو حصلت لم يحصل العلم ، سواء كانوا على دين واحد ، ومن نسب واحد وفي وطن واحد ، أو لم يكونوا كذلك . وإن ارتفعت حصل العلم كيف كانوا ( ولا ) يشترط أيضا ( إخبارهم طوعا ) قال ابن مفلح : وشرط قوم إخبارهم طوعا ، وهو باطل .

فإن الصدق لا يمتنع حصول العلم به ، وإلا فات الشرط ( ولا ) يشترط أيضا ( أن لا يعتقد ) المخبر ( خلافه ) أي نقيض المخبر به . قال ابن مفلح : وشرط المرتضى من الشيعة - وهو أبو القاسم الموسوي - عدم اعتقاد نقيض المخبر . قال : لأن اعتقاد النقيض محال والطارئ أضعف من المستقر ، فلا يرفعه . وهو باطل أيضا ، بل يحصل العلم سواء كان السامع يعتقد نقيض المخبر به أو لا . فلا يتوقف العلم على ذلك ( ومن حصل بخبره علم بواقعة لشخص حصل ) العلم ( بمثله ) أي بمثل ذلك الخبر ( بغيرها ) أي بغير تلك الواقعة ( لآخر ) أي لشخص آخر . قال في شرح التحرير : وقول أبي الحسين والباقلاني : من حصل بخبره علم بواقعة لشخص حصل بمثله بغيرها لشخص آخر صحيح ، ثم قال : إن تساويا من كل وجه . فلأجل هذا قلنا ( مع تساو من كل وجه ) قال : وهو بعيد عادة . وسبقه باشتراط التساوي ابن قاضي الجبل

التالي السابق


الخدمات العلمية