الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                        صفحة جزء
                        المسلك الحادي عشر

                        تحقيق المناط

                        وهو أن يقع الاتفاق على علية وصف بنص ، أو إجماع ، فيجتهد في وجودها في [ ص: 642 ] صورة النزاع ، كتحقيق أن النباش سارق .

                        وسمي تحقيق المناط; لأن المناط وهو " الوصف " علم أنه مناط ، وبقي النظر في تحقيق وجوده في الصورة المعينة .

                        قال الغزالي : وهذا النوع من الاجتهاد لا خلاف فيه بين الأمة ، والقياس مختلف فيه ، فكيف يكون هذا قياسا ؟ .

                        واعلم أنهم قد جعلوا القياس من أصله ينقسم إلى ثلاثة أقسام :

                        قياس علة .

                        وقياس دلالة .

                        وقياس في معنى الأصل .

                        فقياس العلة : ما صرح فيه بالعلة ، كما يقال في النبيذ : إنه مسكر فيحرم كالخمر .

                        وقياس الدلالة : هو أن لا يذكر فيه العلة ، بل وصف ملازم لها ، كما لو علل في قياس النبيذ على الخمر برائحة المشتد .

                        والقياس الذي في معنى الأصل : هو أن يجمع بين الأصل والفرع بنفي الفارق ، وهو تنقيح المناط كما تقدم .

                        وأيضا قسموا القياس إلى جلي وخفي .

                        فالجلي : ما قطع فيه بنفي الفارق بين الأصل والفرع ، كقياس الأمة على العبد في أحكام العتق ، فإنا نعلم قطعا أن الذكورة والأنوثة فيها مما لم يعتبره الشارع ، وأنه لا فارق بينهما إلا ذلك ، فحصل لنا القطع بنفي الفارق .

                        والخفي بخلافه ، وهو ما يكون نفي الفارق فيه مظنونا ، كقياس النبيذ على الخمر في الحرمة ، إذ لا يمتنع أن تكون خصوصية الخمر معتبرة ، ولذلك اختلفوا في تحريم النبيذ .

                        التالي السابق


                        الخدمات العلمية