الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وأمر بصفة ) في فعل ( أمر ب ) الفعل ( الموصوف ) نصا . قال ابن قاضي الجبل ، تبعا للمجد في المسودة : إذا ورد الأمر بهيئة أو صفة لفعل ، ودل الدليل على استحبابها ، ساغ التمسك به على وجوب أصل الفعل لتضمنه الأمر به لأن مقتضاه وجوبهما . فإذا خولف في الصريح بقي المتضمن على أصل الاقتضاء . ذكره أصحابنا . ونص عليه إمامنا حيث تمسك على وجوب الاستنشاق بالأمر بالمبالغة ، خلافا للحنفية ، بأنه لا يبقى دليلا على وجوب الأصل . حكاه الجرجاني . قال الشيخ تقي الدين : وحقيقة المسألة : أن مخالفة الظاهر في لفظ الخطاب لا تقتضي مخالفة الظاهر في فحواه ، وهو يشبه نسخ اللفظ ، هل يكون نسخا للفحوى ؟ وهكذا يجيء في جميع دلالات الالتزام .

وقول المخالف متوجه . وسرها أنه : هل هو بمنزلة أمرين ، أو أمر بفعلين ، أو أمر بفعل واحد ، ولوازمه جاءت ضرورة ؟ وهو يستمد من الأمر بالشيء ، هل هو نهي عن أضداده ؟ انتهى . قال أبو إسحاق الشيرازي : الأمر بالصفة أمر بالموصوف ويقتضيه ، كالأمر بالطمأنينة في الركوع والسجود يكون أمرا بهما ( وأمر مطلق ببيع ) أي من غير أن يقال : بعه بمائة مثلا ، أو بعه بثمن المثل ( يتناوله ) أي يتناول البيع الصادر من المأمور ( ولو ) وقع ( بغبن فاحش ) قال ابن مفلح في أصوله : إذا أطلق الأمر ، كقوله لوكيله : بع كذا . فعند أصحابنا : يتناول [ ص: 336 ] البيع بغبن فاحش ، واعتبر ثمن المثل للعرف والاحتياط للموكل . وفرقوا أيضا بينه وبين أمره عليه الصلاة والسلام في اعتبار إطلاقه بالتعدية بتعليله ، بخلاف الموكل ( ويصح ) البيع مع الغبن الفاحش ( ويضمن ) الوكيل المأمور بمطلق البيع ( النقص ) قال ابن مفلح : ثم هل يصح العقد ويضمن الوكيل النقص أم لا ، كقول المالكية والشافعية ؟ فيه روايتان عن أحمد . وعند الحنفية : لا يعتبر ثمن المثل . واعتبروه في الوكيل في الشراء . وقال بعض أصحابنا وبعض الشافعية : الأمر بالماهية الكلية إذا أتى بمسماها امتثل ، ولم يتناول اللفظ الجزئيات ولم ينفها ، فهي مما لا يتم الواجب إلا به . انتهى . وقال ابن قاضي الجبل عند ذكره هذه المسألة تنبيه هذا فرد من قاعدة عامة . وهي الدال على الأعم غير دال على الأخص . فإذا قلنا " جسم " لا يفهم منه أنه نام . وإذا قلنا " نام " لا يفهم أنه حيوان . وإذا قلنا " حيوان " لا يفهم أنه إنسان ، وإذا قلنا " إنسان " لا يفهم أنه زيد . فإن قلنا : إن الكلي قد يحصر نوعه في شخصه كانحصار الشمس في فرد منها .

وكذلك القمر ، وكذلك جميع ملوك الأقاليم وقضاة الأصول تنحصر أنواعهم في أشخاصهم . فإذا قلت : صاحب مصر إنما ينصرف الذهن إلى الملك الحاضر في وقت الصيغة . فيكون الأمر بتلك الماهية يتناول الجزئي في جميع هذه الصور .

قلت : لم يأت ذلك من قبل اللفظ ، بل من جهة أن الواقع كذلك . ومقصود المسألة إنما هو دلالة اللفظ من حيث هو لفظ . انتهى

التالي السابق


الخدمات العلمية