الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت شريكين اشتركا بالعروض ، شركة فاسدة أو صحيحة ، فافترقا بعد ما قد عملا . كيف يخرج كل واحد منهما رأس ماله ؟ أيكون له رأس ماله يوم يقتسمان ، أو رأس ماله يوم وقعت الشركة ، فاسدة كانت أو صحيحة ؟ قال : أما الصحيحة ، فعلى قدر رءوس أموالهما على ما قوما عليه سلعتيهما واشتركا .

                                                                                                                                                                                      وأما الشركة الفاسدة ، فيردان إليه ما بلغ رأس مال كل واحد منهما ، مما بلغته به سلعتاهما في البيع ، ويقتسمان الربح على قدر ذلك ، والوضيعة على قدر ذلك . قلت : وهذا قول مالك ؟ قال : أما في الصحيحة فنعم ، هو قول مالك . وأما في الشركة الفاسدة ، فهو رأيي ، مثل ما قال مالك في الدنانير والدراهم ، إذا كانت إحداهما أكثر من الأخرى إذا اشتركا بها : إن لكل واحد منهما رأس ماله يوم وقعت الشركة بينهما ، والربح على قدر ذلك والوضيعة ، فكذلك الشركة الفاسدة في العروض [ ص: 607 ] قلت : والعروض إذا اشتركا بها شركة فاسدة ، وقد كانا قوما العروض ؟ قال : لا ينظر إليه ما قوما به عروضهما ، ولكن ينظر إليه ما باعا به العروض ، فيعطى كل واحد منهما ثمن عرضه الذي بيع به عرضه . قلت : فإن كانت الشركة بالعروض صحيحة ، وقد قوما عروضهما ، فباع كل واحد منهما سلعته بأكثر مما قوما به سلعته أو بدون ذلك ، ثم افترقا ، كيف يأخذ كل واحد منهما رأس ماله ؟ أيأخذ القيمة التي قوما بها سلعته ؟ أم يأخذ الثمن الذي باعا به سلعتيهما ؟ قال : إذا كانت الشركة صحيحة ، أخذ قيمتها يوم اشتركا إذا تفرقا ، ولا ينظر إليه ما باعا به السلعة ، لأنهما حين قوما العرضين في الشركة الصحيحة ، فكان كل واحد منهما قد باع نصف سلعته بنصف سلعة صاحبه ، وضمن هذا نصف سلعة هذا وهذا نصف سلعة هذا ، وفي الشركة الفاسدة ، لا يقع لواحد منهما في سلعة صاحبه قليل ولا كثير . فلذلك ، كان لكل واحد منهما ، ثمن سلعته الذي باع به سلعته في الشركة الفاسدة .

                                                                                                                                                                                      قلت : وهذا قول مالك ؟ قال : هذا مثل ما قال مالك في الشركة الفاسدة بالدنانير والدراهم .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية